«مدينة غامضة» في صحراء الربع الخالي تظهر ليلاً وتختفي عند الفجر

صحراء الربع الخالي تضم العديد من الأسرار الغامضة والقصص التي يصعب تفسيرها، ومن بين أكثر القصص إثارة تشكّل هناك ما يُعرف بـ”مدينة الخفاء” التي تظهر ليلاً وتختفي مع طلوع الفجر دون ترك أي أثر يُذكر، حيث تطرح هذه الظاهرة أسئلة كثيرة حول طبيعتها وأصلها، لتصبح واحدة من أكثر الأسرار صعوبة في فهمها بنطاق الجزيرة العربية.

المدينة الغامضة وسط صحراء الربع الخالي

في عام 1932، انطلق ثلاثة رحالة يمنيين في رحلة مغامرة عبر صحراء الربع الخالي بهدف اكتشاف طريق تجاري مختصر بين حضرموت والمناطق الحدودية بالمملكة العربية السعودية، وبينما كانوا يخيمون ليلاً خلال رحلتهم، لم يكن في حسبانهم أنهم سيشاهدون مشهدًا غير عادي: مدينة لامعة مضيئة وسط الرمال التي تمتد بلا نهاية، حيث بدت القباب والمآذن وكأنها جزء من حلم، لكنها تشع ضوءًا غريبًا دون أي مصدر يُعرف له أو أي حياة في المكان، فمن الصعب الإشارة إلى أي شكل مادي واضح أو حتى وصف لما وقع أمام أعينهم بشكل دقيق.

لغز الاختفاء المفاجئ لمدينة الخفاء

مع فجر اليوم التالي وبعد حرصهم على مراقبة المدينة طيلة الليل، فوجئ الرحالة بأن المدينة اختفت تمامًا دون أن تترك أي أثر، ولم يبقَ سوى دائرة من الرمال المتفحمة التي أشعلت في قلوبهم تساؤلات لا جواب لها، كان الصمت هو سيد المكان، فلا سبيل للإجابة عما حدث سوى مشاعر الرهبة والغموض التي رافقتهم طوال طريق عودتهم، تُرى هل كانت هذه مدينة مادية أم تجسيدًا لعوالم ميتافيزيقية نجهل وجودها؟

أساطير وشهادات تؤكد الغموض

العديد من الأساطير حاولت تفسير حادثة المدينة الغامضة، بعضها ربط القصة بالأسطورة الشهيرة حول “إرم ذات العماد” التي قيل إنها كانت مدينة عظيمة طمستها الرمال كشاهد على طغيان سكانها، وهناك آخرون يرون أن تلك الظاهرة قد تكون بوابة لعالم آخر تتداخل فيه عوالم البشر والجن، فيما بقي المكان معروفًا باسم “اللمعة” في حضرموت وبعض المناطق القريبة، حيث يحذر السكان المحليون من الاقتراب من النقطة التي يعود إليها هذا الغموض العجيب، كما تتطابق هذه المواقع مع خرائط تاريخية تُظهر فجوة غريبة في تلك المنطقة.

بالنظر إلى هذه الروايات المثيرة وما تحمله من غرابة وغموض، يبقى السؤال مطروحًا: هل كانت “مدينة الخفاء” حقيقة أم مجرد خيال اندمج مع الظروف القاسية والتهويل الذي يرافق حكايات الرحالة؟ حتى الآن، لا يزال هذا المكان شاهدًا خفيًا على أسرار لا يستطيع العلم الحديث تفسيرها، ليبقى أشبه بمعضلة تتحدّى كل من يجرؤ على البحث في خبايا هذا المشهد الخفي.