تحليل سبب استمرار ارتفاع سعر الأرز رغم العرض الوفير؟

أسعار الأرز في إندونيسيا: أسباب استمرار ارتفاع الأسعار رغم وفرة المخزون

تحليل أسباب ارتفاع أسعار الأرز رغم وفرة المخزون

أسعار الأرز في إندونيسيا تشهد ارتفاعًا مستمرًا فوق أعلى سعر تجزئة (HET) منذ أكثر من عام، رغم وجود وفرة في المعروض والمخزون الحكومي الكبير. خلال الأشهر الثلاثة الماضية، تراوح سعر الأرز المتوسط بين 13,663 و14,066 روبية إندونيسية للكيلوغرام الواحد، أما الأرز الممتاز فكان سعره بين 15,533 و15,847 روبية، مع تسجيل أسعار حالية تصل إلى 13,943 روبية للأرز المتوسط و15,748 روبية للأرز الممتاز. في أبريل، أعلن وزير الزراعة عمران سليمان أن مخزون احتياطيات الأرز الحكومية بلغ 3.18 مليون طن، وهو أعلى مستوى منذ 23 عامًا، بل ربما منذ استقلال إندونيسيا، مما يشير إلى وفرة كبيرة في المخزون، ولكن هذا لم ينعكس على استقرار أو انخفاض أسعار الأرز في السوق.

سياسات التوزيع وتأثيرها على أسعار الأرز في إندونيسيا

يؤكد الخبراء من الرابطة الإندونيسية للاقتصاد السياسي أن المشكلة لا تكمن في المخزون بحد ذاته، بل في توزيع الأرز واستراتيجيات الإدارة الحكومية، حيث يشير خضورى في ندوة عبر الإنترنت إلى أن الحكومة تركز على تراكم المخزون دون السيطرة الفعالة أو التوزيع المناسب، وهذا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار رغم وفرة المعروض. الأرز سلعته غير دائمة، وطول فترة التخزين يؤدي إلى تلف الكمية وانخفاض الجودة، بالإضافة إلى تضخم تكاليف الإدارة، لذا فإن الاستمرار في تخزين كميات كبيرة دون تدفقها للسوق يخالف المبادئ الاقتصادية. ويشدد خضورى على ضرورة استمرار تدفق الأرز إلى السوق وعدم الاعتماد على مخزون جامبو فقط، مؤكداً أن وجود مخزون وفير لا يعني بالضرورة توافر إمدادات كافية أو إنتاج وفير.

العوامل الثلاثة الرئيسة التي تؤثر على ارتفاع أسعار الأرز في إندونيسيا

تتحدد أسباب ارتفاع أسعار الأرز في إندونيسيا برغم وفرة المخزون بثلاث نقاط رئيسية:

• عدم توازن الإنتاج: على الرغم من إنتاج 18.76 مليون طن من الأرز خلال الفترة من يناير إلى يونيو 2025، مع وجود فائض 3.2 مليون طن بعد الاستهلاك، إلا أن 2.6 مليون طن فقط تم استيعابها من قبل بولوغ، فيما يتوزع 600 ألف طن في أيدي مطاحن وتجار صغار يعانون من نقص في قدرة التخزين والاستيعاب، مما يؤثر سلباً على الأسعار.
• غياب الدعم الحكومي: عند تشغيل إنذار تجاوز أعلى سعر تجزئة (HET) لم تقدم الحكومة استقراراً في معروض الغذاء وأسعاره، كما أوقفت برامج المساعدة الغذائية وبرنامج استقرار الأسعار (SPHP) في بداية العام رغم وجود خطة لمساعدة 16 مليون أسرة وتمويل 150 ألف طن للأرز في يناير وفبراير، مما أدى لاستمرار زيادة الأسعار.
• عدم تكامل تعديلات الأسعار: رفضت الحكومة تعديل أعلى سعر تجزئة للأرز المتوسط والممتاز تماشياً مع رفع السعر المرجعي للحبوب الجافة المحصودة (HPP) من 6000 إلى 6500 روبية للكيلوغرام، وهذا خلل في السيطرة على أسعار السوق فسر استمرار ارتفاع الأسعار رغم السياسات الرسمية.

تبقى المسؤولية على عاتق الدولة في تصحيح هذه السياسات لضمان توزيع الأرز الحكومي فورًا سواء في برامج المساعدة الغذائية أو عمليات السوق، الأمر الذي يحفظ استقرار الأسعار بما يتلاءم مع الوفرة المتاحة ويخدم رعاية بطن الشعب الإندونيسي، حيث لا يمكن الاستمرار في خطاب غير منطقي يتجاهل مبادئ السوق الأساسية، في ظل وفرة كبيرة في المخزون مع أسعار غير مستقرة.

أسعار الأرز في إندونيسيا تجسد نموذجاً معقداً من التحديات التي ترتبط بالأداء الحكومي، التوزيع غير المتكامل، وغياب الدعم الحكومي الفعال، ما يدعو إلى إعادة النظر بشكل عميق في سياسات الأرز لضمان تحقيق التوازن المطلوب بين العرض والطلب، والحد من معاناة المستهلكين في ظل ظروف اقتصادية أكثر شفافية وعدالة.