تراجع مفاجئ من ترامب عن إقالة باول.. ما أسباب بقاء الأخير في منصبه؟

تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قرار إقالة جيروم باول من رئاسة مجلس الاحتياط الفيدرالي يعكس موقفاً استراتيجياً في ظل الضغوط الاقتصادية الحالية والتوترات المالية؛ فلا يزال باول يحتفظ بمنصبه رغم خلافاتهما المتعددة حول أسعار الفائدة، مما يطرح تساؤلات حول سر هذا التراجع وتأثيره على الاقتصاد الأمريكي وأسواق المال العالمية.

أسباب احتفاظ باول بمنصبه رغم محاولات إقالته

تراجع ترامب عن إقالة جيروم باول جاء بعد إدراكه لحساسية المرحلة التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي، والتي تتطلب استقرار المؤسسة النقدية؛ حيث أكّد خلال زيارة نادرة للبنك المركزي أنه لا ينوي عزل باول، رغم انتقاداته المتكررة له في السابق خاصةً حول قرارات رفع أسعار الفائدة. في هذا السياق، أشارت تصريحات خبير أسواق المال أحمد معطي إلى أن أي تصعيد ضد رئيس الفيدرالي قد يزعزع الثقة الدولية في استقلالية البنك المركزي، مما قد يسبب تقلبات حادة في سعر الدولار وأسواق الأسهم والسندات في الولايات المتحدة؛ وهو ما يسعى ترامب لتجنبه في ظل التوترات الناتجة عن الرسوم الجمركية والسياسات الاقتصادية الأخرى.

وأضاف معطي في حديثه لـ”تليجراف مصر” أن ترامب يفضل التأثير على السياسة النقدية من خلال قنوات غير مباشرة وعدم الدخول في مواجهة مفتوحة مع باول؛ لأن التصعيد المبكر قد يؤدي إلى ارتباك في جهود ضبط التضخم وتحفيز النمو، لا سيما في بداية ولايته الثانية التي يترقب فيها المستثمرون مؤشرات الاستقرار والثقة بالإدارة الاقتصادية. الأسواق تراقب عن كثب التوقعات حول أول خفض محتمل لأسعار الفائدة في أكتوبر، وهو ما يزيد من حساسية أية تحركات سياسية ضد الفيدرالي.

تكاليف تجديد مقر البنك المركزي وتأثيرها على التوترات بين ترامب وباول

على جانب آخر، لم يخفي ترامب رفضه للتكاليف المرتفعة لمشروع تجديد مبنيين تاريخيين في مقر مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والتي تجاوزت 2.5 مليار دولار، رغم تأكيده أن الاقتصاد الأمريكي يملك القدرة على تحمل هذا العبء في ظل الأوضاع الجيدة نسبياً. هذا الأمر أضاف المزيد من التوتر في العلاقة بين ترامب وباول، خصوصاً في فترة حرجة تسبق اجتماع لجنة السياسة النقدية المتوقع في 30 يوليو 2025، حيث من المتوقع أن تبقى أسعار الفائدة كما هي في نطاق 4.25% إلى 4.50%.

وفي ظل هذه الظروف، نمت التكهنات حول إمكانية إقالة رئيس الفيدرالي وتأثير ذلك على الدولار وأسواق المال الأخرى، فبينما انخفضت احتمالات الإقالة، شهدت أسعار الذهب تراجعًا ملحوظًا نتيجة استقرار تكهنات السوق وانخفاض الفزع من تغييرات السياسة النقدية المحتملة.

الإطار القانوني لإقالة باول ومدى تأثيره على الاستقرار الاقتصادي

يبقى السؤال القانوني حول مدى حق ترامب في إقالة جيروم باول دون صدام دستوري؛ حيث لا يوجد نص صريح يمنع أو يسمح بشكل واضح لعزل رئيس الفيدرالي من قبل الرئيس الأمريكي، ما يجعل الخطوة محل جدل قانوني واسع. وصرح أستاذ القانون في جامعة بوسطن، جيد شوجيرمان، بأن المحاكم تفضل عمومًا عدم التدخل في نزاعات سياسية مماثلة، ما يمنح ترامب قدرة فعلية على تنفيذ القرار دون عوائق قانونية فورية حسب ما نقلته وكالة “بلومبرج”.

إلى ذلك، رجح الخبير الدستوري جوناثان شوب من جامعة كنتاكي أن حتى في حالة صدور حكم قضائي بعدم قانونية العزل، فإن عودة باول لمنصبه قد لا تكون مضمونة، مستندًا إلى حكم المحكمة العليا الصادر في 27 يونيو الماضي والذي يقيد صلاحيات القضاء في إعادة المسؤولين المعزولين إلى مناصبهم. وتبرز هذه الأبعاد القانونية تعقيدًا جديدًا في علاقة ترامب بمجالس الاحتياطي الفيدرالي، مما يزيد احتمالية استمرار باول في منصبه وعدم الإقالة على المدى القريب.

التاريخ الحدث
27 يونيو 2025 حكم المحكمة العليا يقيّد صلاحيات القضاء في إعادة المسؤولين المعزولين
30 يوليو 2025 اجتماع لجنة السياسة النقدية المتوقع
أكتوبر 2025 توقع أول خفض محتمل لأسعار الفائدة
  • تراجع ترامب عن إقالة باول يأتي ضمن حسابات سياسية واقتصادية دقيقة
  • تكلفة تجديد مقر الفيدرالي تزيد من الضغط بين الطرفين
  • غياب نص قانوني صريح يعقد مسألة الإقالة ويزيد من الغموض