تذبذب الدولار الأمريكي بين السوق الموازية وتأثيرات المصرف المركزي.. ما هو الاتجاه القادم؟

الدولار الأمريكي بين مد السوق الموازية وجزر المصرف المركزي يشهد سعر صرف الدولار الأمريكي ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأسبوعين الماضيين، حيث تخطى حاجز 8 دنانير للدولار الواحد، وسط حالة من الركود في الأسواق وارتفاع محسوس في معدلات التضخم مما يؤثر بشكل مباشر على التداولات المالية المحلية؛ ويبرز هذا التغير كأحد المؤشرات الحيوية التي تعكس هشاشة الاقتصاد الليبي.

العوامل المؤثرة على سعر الدولار الأمريكي في السوق الليبية

يبقى سعر الدولار الأمريكي في ليبيا من أبرز القضايا الاقتصادية المعقدة، إذ يعكس وضعًا دقيقًا مرتبطًا باستقرار الاقتصاد الوطني، وسط محاولات مستمرة من مصرف ليبيا المركزي لضبط سوق الصرف؛ حيث تلجأ السلطات إلى رفع السعر الرسمي أحيانًا، وإلى تبني إجراءات فنية وتقنية أخرى من خلال إقرار مكاتب وشركات صرافة معتمدة تُراقب حركة العملة بصورة دقيقة، ما يعكس تباينًا مستمرًا بين العرض والطلب في السوق الموازي.

ويتوقع المحلل المالي مختار الجديد مزيدًا من ارتفاع سعر الدولار الأمريكي في السوق المحلي خلال الفترة القادمة، نظرًا لانفلات الإنفاق الحكومي في الحكومتين المتنافستين بسبب غياب ضوابط مالية وغياب إقرار ميزانية موحدة. وقد كان يتوقع أن يستمر السعر الرسمي الحالي حتى بداية عام 2026، إلا أن المؤشرات الحالية تدل على أن مصرف ليبيا المركزي سيجد نفسه مضطرًا لمراجعة السعر ليصل لأكثر من 7 دنانير خلال الشهرين القادمين، خاصةً مع اعتماد مجلس النواب ميزانية تقدر بـ164 مليار دينار إضافة إلى ميزانية تنمية بقيمة 69 مليار دينار.

دور المصرف المركزي في استقرار سعر الدولار الأمريكي والتحديات القائمة

يرى أستاذ الاقتصاد السياسي محمد البرغوثي أن مصرف ليبيا المركزي نجح إلى حد ما في تحقيق بعض الاستقرار النقدي من خلال تثبيت سعر صرف الدولار عند 6.40 دنانير، مشيرًا إلى أن الحفاظ على هذا الاستقرار يتطلب تكاتفًا وتحملًا مشتركًا من جميع مؤسسات الدولة. وأضاف البرغوثي أن الأرقام الاقتصادية التي تشمل الدين العام الذي يبلغ قرابة 323 مليار دينار، وعرض النقود الذي يصل إلى نحو 200 مليار دينار، بالإضافة إلى إنفاق السلطات التنفيذية المقدر بـ180 مليار دينار وإيرادات الدولار التي شكلت تقريبًا 20 مليار دولار، كل هذه المؤشرات تدفع نحو ارتفاع إضافي مرتقب لسعر الدولار في السوق المحلية.

الإجراءات والتدابير التي اتخذها مصرف ليبيا المركزي للسيطرة على سوق الدولار الأمريكي

لم يكتفِ مصرف ليبيا المركزي بمحاولة تثبيت سعر صرف الدولار فقط، بل أصدر حزمًا من الإجراءات للسيطرة على عمليات بيع الدولار والحد من تهريبه خارج البلاد، وذلك عبر تقليص المخصصات السنوية للأغراض الشخصية وتنظيم طلب الدولار للأغراض التجارية والصناعية بما يساهم في تقليل الضغوط السوقية. ويشمل هذا التنظيم عدة بنود منها:

  • تقليص المخصصات الشخصية السنوية للدولار حسب الحاجة الفعلية
  • تنظيم طلب الدولار للمشروعات التجارية والصناعية بما يحد من فتح قنوات غير رسمية
  • تعزيز الرقابة على مكاتب وشركات الصرافة المعتمدة لضبط السوق
البند القيمة
ميزانية مجلس النواب 164 مليار دينار
ميزانية التنمية 69 مليار دينار
الدين العام 323 مليار دينار
عرض النقود 200 مليار دينار
إنفاق السلطات التنفيذية 180 مليار دينار
الإيرادات من الدولار 20 مليار دولار

يواجه سعر الدولار الأمريكي تحديات مركبة بين ديناميكية السوق الموازي وتدخلات المصرف المركزي التي تحاول ضبط إيقاعه. هذا التوازن الدقيق يعتمد على استقرار الاقتصاد الكلي، وإدارة مالية رشيدة تسمح بتقليل الضغوط التضخمية وتوفير بيئة مستقرة لأسواق النقد، بما يحافظ على الاقتصاد الوطني في مواجهة الظروف الراهنة المتقلبة.