ماجدة الرومي.. خطوات ثابتة في مسيرة إبداع والتزام رغم تقلبات الزمن

ماجدة الرومي مسيرة من الإبداع والالتزام في وجه تقلبات الزمن تُعتبر ماجدة الرومي من أبرز أيقونات الغناء العربي الكلاسيكي، التي تميزت بصوت نادر يمتزج فيه النقاء بالقوة، وتجمع أغانيها بين الرسالة الإنسانية والوطنية العميقة؛ منذ انطلاقتها في السبعينيات، ظلت ماجدة الرومي رمزًا للفنانة المثقفة الملتزمة بقيم الجمال والصدق، رافضة موجات الابتذال الفني، محافظة على موقعها المميز عبر مسيرة امتدت لأكثر من أربعة عقود.

ماجدة الرومي مسيرة فنية بدأت من النشأة والبدايات المبكرة

وُلدت ماجدة حليم الرومي في 13 ديسمبر 1956 في بلدة كفرشيما اللبنانية، وسط عائلة فنية عريقة كان والدها الموسيقار الكبير حليم الرومي الذي اكتشف صوت فيروز وأدخلها إلى عالم الفن؛ نشأت ماجدة في مناخ موسيقي محفز صقل موهبتها منذ الطفولة، حيث بدأ الوهج الفني يسطع مبكرًا، ومع مشاركتها في برنامج “استديو الفن” عام 1974، الذي كان منبرًا لنجوم الغناء العرب، تألقت بأداء أغنية “يا طيور” للسيدة أسمهان مما جعل لجان التحكيم والجمهور يقفون تقديرًا لصوتها الفريد والمميز؛ هذه البدايات هي الشرارة التي أطلقت مسيرة ماجدة الرومي الحافلة بالعطاء في العالم العربي.

ماجدة الرومي مسيرة غنائية تحمل رسائل إنسانية ووطنية رصينة

اتخذت ماجدة الرومي من الفن وسيلة لنقل قيم سامية، وقد حرصت منذ بداياتها على تقديم أغنيات ذات أبعاد إنسانية ووطنية عميقة؛ تميزت بدقة اختيار كلمات أغانيها التي تعاونت فيها مع أعظم الشعراء والملحنين العرب مثل نزار قباني، سعيد عقل، جمال بخيت، ومارون نشّار، بالإضافة إلى الملحنين البارزين جمال سلامة، إحسان المنذر، ونور الملاح؛ قدمت ماجدة الرومي مجموعة من الأغاني التي تعتبر اليوم أيقونات في الموسيقى العربية، منها:

• “كلمات” من كلمات نزار قباني
• “بيروت ست الدنيا”
• “عم يسألوني عليك الناس”
• “أنا عم بحلم”
• “اعتزلت الغرام”

تتنوع موضوعات أغانيها بين الرومانسية والإنسانية والوطنية، بمستوى رفيع من الرقي والعمق، مؤكدة بذلك أن ماجدة الرومي مسيرة تتسم بالتزام فني وأخلاقي فريد.

ماجدة الرومي مسيرة بين الالتزام الوطني والحضور العالمي المتميز

ارتبطت ماجدة الرومي بلبنان ارتباطًا وثيقًا، حيث لعبت دور الصوت الموسيقي الذي يعكس عمق الأزمات الوطنية ويحث على السلام والوحدة في أصعب فترات الحرب؛ عرفت بموقفها الواضح والداعم لوحدة الوطن وكرامة الإنسان بعيدًا عن الصراعات السياسية الضيقة، فكانت دائمًا صوت المستضعفين وقيمة فنية مشرفة لبيروت والعالم العربي؛ مثلت لبنان والعرب في العديد من المهرجانات العالمية والعربية الرفيعة مثل مهرجان قرطاج بتونس، مهرجان بعلبك الدولي، دار الأوبرا المصرية، مهرجان جرش في الأردن، إضافة إلى حفلات بارزة في باريس وروما ونيويورك، مع إعجاب النقاد الذين وصفوا صوتها بأنه “أوبرالي شرقي” يمتلك حضورًا عالميًا يتناسب مع الموسيقى العربية الأصيلة؛ رغم شهرتها العالمية الكبيرة، تتميز حياتها الشخصية بالخصوصية، حيث تفضل الابتعاد عن الإعلام وتعيش استقرارًا مع ابنتيها، محافظًة على صورتها كفنانة ملتزمة أخلاقيًا وإنسانيًا؛ ومن خلال هذه المسيرة التي نمت عشرات السنوات، تثبت ماجدة الرومي أن الفن الحقيقي يقاس بالصدق والإيمان لا بالعمر أو الشهرة فقط.

تظلُّ ماجدة الرومي اليوم رمزًا ثقافيًا خالدًا، يُحدث صدى في ذاكرة الجماهير العربية بموروث فني ثري؛ حيث يواصل صوتها الرائع وأغانيها الخالدة سفرهم عبر الأزمان، مدللين على أن مسيرة ماجدة الرومي تظل عنوانًا للإبداع الراسخ والالتزام الفنّي الحقيقي.