تدفق كبير للأثرياء الغربيين إلى دبي.. ما هي الأسباب وراء هذا الصعود؟

تدفق الأثرياء من الدول الغربية إلى دبي يشهد أعداداً غير مسبوقة، مدفوعين أساساً بعدم وجود ضريبة على دخل الأفراد، وتوفر نمط الحياة الفاخرة التي يصعب الحفاظ عليها في بلدانهم الأصلية، وفقاً لوكالة الأنباء الفرنسية. وتحتفظ دبي بمكانتها كوجهة مفضلة لأصحاب الثروات من دول الجوار، لكن التزايد الملحوظ في أعداد القادمين من الدول الغربية يعكس تحولاً نوعياً في توجهات الأثرياء عالمياً.

لماذا يشهد تدفق الأثرياء من الدول الغربية إلى دبي ارتفاعاً غير مسبوق؟

تستقطب الإمارات، وبالأخص دبي، هذا العام رقماً قياسياً من المليونيرات، حيث تشير شركة «هينلي آند بارتنرز» المتخصصة في شؤون الإقامة والجنسية إلى توقع استقبال 9,800 مليونير، وهو الرقم الأعلى بين جميع دول العالم؛ وهذا يعكس ثقة الأثرياء بدبي كنقطة جذب رئيسية. يعود ذلك إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي توفره الإمارات إلى جانب معدلات الجرائم المنخفضة وبنية الأعمال المرنة، إضافة إلى سهولة الوصول إلى نمط الحياة الفاخر الذي يجذب الكثيرين من الدول الغربية. ومن العوامل التي تلعب دوراً محورياً في جذب أصحاب الثروات الكبيرة نظام التأشيرة الذهبية، الذي يمكن الوافدين من الاستقرار لمدة تصل إلى 10 سنوات، مما يوفر استقراراً طويل الأمد لأصحاب الكفاءات والمهارات العالية.

تحتل دبي مكانة خاصة بين مدن العالم، كونها موطنًا لأحد أكبر المراكز التجارية التي تضم منحدراً للتزلج، وأطول ناطحة سحاب في العالم، وجزيرة نخلة جميرا الاصطناعية المشهورة بفنادقها الفاخرة. ويشكل هؤلاء الوافدون مزيجاً متنوعاً من المهنيين الشباب، مؤسسي شركات تقنية، أبناء رجال الأعمال، مستشارين، ومديري صناديق استثمار، مما يعكس الأجواء الجاذبة لمختلف الفئات الثرية.

عوامل رئيسية تدفع الأثرياء من الدول الغربية إلى الاستثمار والعيش في دبي

أحد أبرز الدوافع التي تدفع الأثرياء من الدول الغربية إلى الانتقال إلى دبي هو التغييرات الأخيرة في السياسات الضريبية، خاصة في بريطانيا التي تعد من أكبر الدول المصدّرة للمليونيرات. فقد ساهم تعديل وضع “غير المقيم الدائم” (non-dom) في تسريع حركة نزوح كبار الأغنياء، ومن المتوقع أن تخسر بريطانيا هذا العام حوالي 16,500 مليونير، حسب تقديرات «هينلي آند بارتنرز». ومن بين هؤلاء المغادرين، كان الملياردير جون فريدريكسن الذي أعلن انتقاله إلى الإمارات، معبراً عن استيائه من الوضع في بلده الأصلي.

وفي مقابلة إعلانية لبودكاست «بناء الثروة بلا حدود»، أفصح ماكس ماكسويل، رئيس شركة «بادكو للعقارات»، عن تجربته في الانتقال من الولايات المتحدة إلى دبي، متحدثاً عن حرصه على توفير نمط حياة أفضل لعائلته بتكاليف مماثلة؛ وهو ما يجذب مزيداً من الأثرياء. ويؤكد فيليب أمارانت من شركة «هينلي آند بارتنرز» في دبي أن الأثرياء يبحثون عن بيئة يمكّنهم فيها الحفاظ على ثرواتهم وإدارة أعمالهم بسهولة، بعيداً عن الإجراءات البيروقراطية المعقدة، مع رسالة الإمارات الواضحة والجذابة «نحن منفتحون على الأعمال».

دبي كوجهة مفضلة للأثرياء: تألق سوق العقارات الفاخرة وزيادة استقرار العائلات الثرية

تتسم دبي اليوم بكونها من أكثر مدن العالم احتضاناً للمليونيرات، إذ تستضيف 81,200 مليونير وأكثر من 20 مليارديراً، وفقاً لإحصائيات «هينلي آند بارتنرز». ومن اللافت أن سوق العقارات الفاخرة في دبي قد تفوق على مدينتي نيويورك ولندن مجتمعين، بعد بيع 435 عقاراً تجاوزت قيمتها 10 ملايين دولار خلال العام الماضي. ويرى فيصل دوراني، رئيس أبحاث الشرق الأوسط في شركة نايت فرانك، أن عقارات دبي الفاخرة تتميز بأسعار أكثر معقولية مقارنة بمثيلاتها في الغرب، مما يزيد من جاذبية السوق ويمنح الأثرياء قيمة أكبر لاستثماراتهم.

ويضيف دوراني إن اختلاف الأسعار واضح؛ ففي مدن مثل موناكو أو سويسرا قد يحتاج العميل لمبلغ 100 مليون دولار لشراء شقة واحدة فقط، بينما في دبي يستطيع استثمار نفس المبلغ لامتلاك مبنى كامل، مما يعكس توازنًا بين الرفاهية والعائد الاقتصادي. وبات الأثرياء ينقلون معهم عائلاتهم ومكاتبهم وأعمالهم إلى دبي، الأمر الذي يؤكد تحول الإمارة إلى مركز جذاب لا يقتصر على الاستثمار فقط، بل يشمل تأسيس أسلوب حياة متكامل وراقي.

• غياب ضريبة على دخل الأفراد
• نظام التأشيرة الذهبية للإقامة الطويلة
• استقرار سياسي واقتصادي ملحوظ
• بيئة أعمال مرنة وبيروقراطية منخفضة
• أسعار عقارات فاخرة أكثر تنافسية من الغرب
• تنوع الخدمات والمرافق الفاخرة

تؤكد كل هذه العوامل على استمرار تدفق الأثرياء من الدول الغربية إلى دبي، مع تزايد واضح في أعدادهم ومساهمتهم في تعزيز مكانة المدينة كواحدة من أهم عواصم الرفاهية والاستثمار عالمياً، حيث تلتقي الطموحات المالية مع جودة الحياة في بيئة متميزة ومستقرة.