الإلكترونات فائقة الطاقة القادمة من الشمس هي مفتاح لفهم أسرار فيزياء الشمس والتنبؤ بالعواصف الفضائية التي تؤثر على أنظمة الأرض التقنية؛ فقد نجح مسبار Solar Orbiter التابع لوكالة الفضاء الأوروبية في تتبع هذه الإلكترونات ذات السرعات القريبة من سرعة الضوء، وربطها بشكل مباشر بمصدرين رئيسيين على سطح الشمس: الانفجارات الشمسية والانبعاثات الكتلية الإكليلية، مما يفتح آفاقًا جديدة في دراسة الظواهر الكونية وتأثيراتها.
تعرف على الإلكترونات فائقة الطاقة ومصادرها الشمسية
تُعد الإلكترونات فائقة الطاقة من الجسيمات المشحونة التي تسير بسرعات تقارب سرعة الضوء، حيث تصل سرعتها إلى نحو 300 ألف كيلومتر في الثانية، وهو ما يجعلها تدخل في نطاق الجسيمات النسبية التي تخضع لقوانين أينشتاين بدلًا من قوانين نيوتن التقليدية؛ وهذه الجسيمات لا تتولد بشكل عشوائي، بل تحتاج إلى “محركات” ضخمة تسارعها إلى هذه السرعات العالية. يلعب كل من الانفجارات الشمسية والانبعاثات الكتلية الإكليلية دورًا كبيرًا في توليد هذه الإلكترونات، حيث تنشأ الانفجارات الشمسية نتيجة إعادة ارتباط الحقول المغناطيسية في الغلاف الشمسي، مطلقة طاقة ضخمة تعادل ملايين القنابل الهيدروجينية في جزء صغير من الثانية، مرفوقة بتسريع جسيمات مشحونة أبرزها الإلكترونات التي تتجه نحو الفضاء بسرعة هائلة، وترصدها الأجهزة الفضائية والأرضية.
في المقابل، تمثل الانبعاثات الكتلية الإكليلية كتلًا هائلة من البلازما تُقذف من هالة الشمس، مطلقة موجات صدمية أمامها تسارع الإلكترونات لمسافات طويلة بزمن ممتد، وتصل سرعة هذه الكتل إلى ملايين الكيلومترات في الساعة، ما يجعلها “مسرعات طبيعية” مهمة داخل الفضاء الشمسي.
الأحداث السريعة والعواصف الطويلة: تصنيف الإلكترونات فائقة الطاقة القادمة من الشمس
قسم الباحثون ظاهرة انطلاق الإلكترونات فائقة الطاقة إلى نوعين رئيسيين يختلفان في آلياتهما وسرعة اندفاعهما، مما يعزز فهم العلاقة بين هذه الإلكترونات ومصدرها على سطح الشمس. النوع الأول يطلق عليه “الأحداث السريعة”، وهي شرارات مفاجئة تنشأ عند حدوث انفجار شمسي قوي ينتج عن إعادة تشابك الحقول المغناطيسية، تحرر كمية هائلة من الطاقة في وقت قصير، تدفع الإلكترونات إلى التسارع على شكل دفعات مركزة وسريعة جدًا تصل تقارب سرعة الضوء، وعادة ما تكون مرتبطة بانفجارات الأشعة السينية القوية.
أما النوع الثاني المعروف بـ”العواصف الطويلة” فهو مرتبط بالانبعاثات الكتلية الإكليلية التي تدفع موجات صدمية تشبه الأمواج المتكسرة أمام سفينة ضخمة، وبتأثير هذه الموجات، تتسارع الإلكترونات لمسافات طويلة وبزمن أطول، ما يجعل مثل هذه الانبعاثات أكثر استمرارية وأوسع انتشارًا مقارنة بالأحداث السريعة.
أهمية دراسة الإلكترونات فائقة الطاقة القادمة من الشمس في حماية البنية التحتية الفضائية
أصبح التمييز بين أنواع الإلكترونات فائقة الطاقة القادمة من الشمس أمرًا أساسيًا لحماية الأنظمة الفضائية والتكنولوجية على الأرض؛ حيث أوضح ألكسندر وارموث، الباحث بمعهد لايبنيز لعلم الفلك في ألمانيا، أن البيانات الدقيقة التي جمعها مسبار Solar Orbiter مكّنت العلماء من إجراء قياسات مباشرة لمسارات الإلكترونات وربطها بالأحداث الشمسية المتنوعة، وهو تمييز كان شبه مستحيل من قبل.
هذا المسبار، الذي أطلق في فبراير 2020 وحلق على مسافة 42 مليون كيلومتر من الشمس، رصد ما يزيد على 300 انفجار للإلكترونات النشطة بين نوفمبر 2020 وديسمبر 2022، مما أتاح تعقب تشكل هذه الإلكترونات على سطح الشمس وخروجها إلى الفضاء.
تشير الدراسة إلى أن التأخير بين مشاهدة الانفجار الشمسي ورصد اندفاع الإلكترونات في الفضاء يعود إلى اضطرابات وتشتيت تواجهها الإلكترونات أثناء رحلتها وسط الرياح الشمسية والمجال المغناطيسي، وتزداد هذه التأثيرات كلما ابتعدت الإلكترونات عن الشمس، حسبما أكدت الباحثة لورا رودريجيز جارسيا من وكالة الفضاء الأوروبية.
ويرتبط الفهم المُحسّن للإلكترونات فائقة الطاقة بتطوير التنبؤات المتعلقة بـ”الطقس الفضائي”، خصوصًا أن الأحداث الناتجة عن الانبعاثات الكتلية الإكليلية تعتبر الأخطر، بسبب جسيماتها عالية الطاقة التي قد تسبب أضرارًا جسيمة للأقمار الصناعية ورواد الفضاء وأنظمة الاتصالات الجويّة.
وأكد دانييل مولر، العالم المسؤول عن مهمة Solar Orbiter في وكالة الفضاء الأوروبية، أن هذا التقدم العلمي يُعزّز القدرة على التمييز بين الأحداث المختلفة، ويعزز من حماية البنية التحتية الفضائية الحيوية.
مواصفات مسبار Solar Orbiter | البيانات |
---|---|
تاريخ الإطلاق | فبراير 2020 |
أول صور | يوليو 2020 |
بدء العمليات العلمية الروتينية | نوفمبر 2021 |
أقرب مسافة إلى الشمس | 42 مليون كيلومتر |
كتلة الإطلاق | 1720 كيلوجرام |
أجهزة علمية | 10 أجهزة متخصصة |
- قياس تركيب الرياح الشمسية وربطها بمناطق منشئها على سطح الشمس
- التقاط أول صور قريبة لأقطاب الشمس
- الرصد المباشر لمسارات الإلكترونات فائقة الطاقة
- التمييز بين الأحداث السريعة والعواصف الطويلة للإلكترونات الشمسية