المجرات المبكرة جداً التي اكتشفها جيمس ويب تكشف أسراراً جديدة عن تكون الكون وتعقيداته بدءًا من الأجرام شديدة السطوع التي رصدها فريق جامعة ميزوري الأميركي، والتي تشير إلى وجود نحو 300 جرم يُحتمل أن تكون مجرات مبكرة جداً تتحدى المفاهيم السائدة حول سرعة تشكل المجرات بعد الانفجار العظيم، وهذه التحديات تطالب بإعادة النظر في النظريات الفيزيائية المعتمدة حتى الآن.
المجرات المبكرة جداً ودلالات الأجرام شديدة السطوع
المجرات المبكرة جداً يُفترض أن تكون صغيرة وخافتة بسبب الوقت الطويل اللازم لتكوين النجوم وبناء كتلة مجرّية مضيئة، غير أن وجود نحو 300 جرم شديد السطوع مرشح ليكون مجرات مبكرة يفتح باباً لتقدير أعلى لكفاءة تشكل النجوم مقارنة بالنظريات الحالية؛ حيث يوضح هاوجينج يان، أستاذ علم الفلك في جامعة ميزوري والمؤلف المشارك بالدراسة، أن هذه الأجرام الغامضة التي رصدت بالأشعة تحت الحمراء من مرصد جيمس ويب تمثل مجرات في مراحل مبكرة جداً من الكون، ما قد يعني إعادة صياغة فهمنا لكيفية تشكل المجرات في العصر الأولي بعد الانفجار العظيم.
هذا الاكتشاف يشير إلى أن المجرة التي وُجدت ربما تكون نشأت قبل 300 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم، وهي مدة أقصر بكثير مما كانت الظنون السابقة تسمح به لبناء مجرات كاملة ومضيئة، مما قد يغير تماماً وجهة النظر حول سرعة تكون الهياكل الكونية العظيمة.
التقنيات الحديثة في رصد المجرات المبكرة جداً عبر جيمس ويب
استخدم الباحثون في الدراسة المنشورة بدورية “ذي أستروفيزكال جورنال” في 31 أغسطس/آب الماضي صور جيمس ويب العميقة التي تم التقاطها عبر كاميرتي “نيركام” للأشعة تحت الحمراء القريبة و”ميري” للأشعة تحت الحمراء المتوسطة، معتمدين على تقنية “الاختفاء” التي تظهر الأجرام في المرشحات الحمراء بينما تختفي في المرشحات الزرقاء بسبب ظاهرة انقطاع لايمان، مما يكشف عن بعد هذه الأجرام في الزمن وقربها من فجر الكون.
هذه التقنية تسمح بتحديد الأجسام شديدة البعد التي قد تكون مجرات مبكرة جداً، وسط عينة تضم بالفعل جرمًا واحدًا مؤكداً طيفياً كونه مجرة مبكرة فعلًا، الأمر الذي يزيد من احتمال وجود مجرات أخرى مشابهة، ولكن الدراسة تؤكد على ضرورة إجراء المزيد من التأكيدات الطيفية لضمان صحة هذه النتائج.
تحديات الفيزياء الحالية أمام وجود مجرات مبكرة جداً
إن ثبت وجود نسبة معتبرة من هذه الأجرام في أزمنة مبكرة جداً، فإن ذلك يشير إلى احتمالين رئيسيين:
- وجود انحيازات رصدية غير مكتشفة قد تؤثر في تحليل البيانات وتفسيرها.
- وجود مفاهيم فيزيائية مفقودة في نماذج ولادة المجرات لم تُتْبَع بعد.
وقد يضطر الفيزيائيون إلى التفكير مجدداً في فيزياء تشكل المجرات وخصائص الزمن المبكر للكون؛ حيث يمكن أن تدفع هذه النتائج نحو تطوير نماذج جديدة تتماشى مع هذا الازدهار المبكر للنجوم والمجرات التي لم تكن محسوبة وفق القواعد العلمية المعمول بها حتى الآن.
العنصر | الوصف |
---|---|
عدد الأجرام المرصودة | نحو 300 جرم شديد السطوع |
الفترة الزمنية المفترضة لتشكل المجرات | قبل نحو 300 مليون سنة من الانفجار العظيم |
التقنيات المستخدمة | كاميرتا “نيركام” و”ميري” في مرصد جيمس ويب الفضائي |
تعتمد أهمية هذه المجرات المبكرة جداً على إمكانية وجودها فعلياً كما يشير الرصد الحالي، لأن وجودها يعيد رسم خطوط الزمن الكونية ومسيرة تكوّن النجوم والمجرات وسط الظلال التي لا تزال تخفي أعمق أسرار أصل الكون.