تموين واجب.. كيف أجبرت الانتشارات العسكرية سكان طرابلس على التزود بالمواد الأساسية؟

انتشار عسكري يدفع سكان طرابلس للتموين بشكل مكثف تزامناً مع تصاعد التوتر الأمني في المدينة، حيث شهدت طرابلس حركة غير مسبوقة في الأسواق ومنافذ الصرف وصهاريج الوقود، في ظل تخوفات متزايدة من اندلاع مواجهات مسلحة تؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطنين.

انتشار عسكري يدفع سكان طرابلس للتموين وسط تحركات عسكرية غير مسبوقة

شهدت العاصمة الليبية طرابلس مساء الاثنين انتشار آليات عسكرية ثقيلة في أحيائها الجنوبية، بينها دبابات وشاحنات مسلحة في مناطق قصر بن غشير وطريق الشوك ببلدية عين زارة، بينما تناهت أصوات إطلاق رصاص متقطع من حي الإسلامي غرب المدينة، مشكّلة حالة من القلق والترقب لدى السكان. هذه التحركات، التي رصدها السكان عبر مقاطع مصورة تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي من جزيرة الغيران، أدت إلى اندفاع كبير نحو الأسواق لشراء المواد الغذائية وتعبئة الوقود، مترافقاً مع إقبال ملحوظ على الدولار كملاذ آمن وسط حالة عدم الاستقرار. بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا طالبت جميع الأطراف بوقف التصعيد فوراً والامتناع عن أية أعمال تهدد المدنيين، معبرة عن انزعاجها تجاه استمرار التعبئة العسكرية واحتمال نشوب مواجهات مسلحة في طرابلس.

التموين المستمر بين ارتفاع الأسعار والتوتر الاقتصادي ناشئ عن الانتشار العسكري في طرابلس

في ظل انتشار عسكري يدفع سكان طرابلس للتموين بكثافة، تعكس الأسواق حالة استثنائية حيث يتسارع السكان في شراء السلع الأساسية كالطحين والزيت والمعلبات، مع ازدحام ملحوظ أمام محال الصرافة بسبب تزايد الطلب على الدولار. صهيب بن مسعود، موظف في شركة خاصة، أكد أنه لجأ للسوق الموازي لشراء العملة الصعبة بهدف حماية مدخراته من تدهور قيمة الدينار، مشيراً إلى احتمالية تفكير عائلته في الهجرة حال استمرار تصاعد التوترات. سعر صرف الدولار ارتفع إلى 7.8 دنانير في السوق الموازية مقارنة بـ6.4 دنانير في السعر الرسمي، ما يعكس عمق الأزمة الاقتصادية. وفي سوق المهاري، تسارعت وتيرة التسوق بشكل ملحوظ، حيث عبّر عدد من السكان عن مخاوفهم من فقدان السلع وارتفاع أسعارها في الأيام القادمة، وهو ما دفعهم لتكديس المواد الاستهلاكية استعداداً لأي طارئ.

تداعيات انتشار عسكري يدفع سكان طرابلس للتموين وتأثيره على الوضع الاقتصادي والمؤسسات الحكومية

يرى المحلل الاقتصادي عبد الهادي الأسود أن انتشار عسكري يدفع سكان طرابلس للتموين يعكس هشاشة البنية الاقتصادية في مواجهة التوترات الأمنية، حيث يؤدي أي تصعيد عسكري إلى زيادة الطلب على العملات الأجنبية والسلع الأساسية، ما يرفع الأسعار ويضغط على القدرة الشرائية للمواطنين. ويضيف الأسود أن الاستمرار في هذه الحالة قد ينذر بدوامة تضخمية تؤثر سلباً على اقتصاد البلاد، خاصة مع اعتماد ليبيا شبه الكامل على الواردات وتقلبات سعر النفط. من جهته، أشار الخبير المالي عبد الحكيم عامر غيث إلى أن الفارق الكبير بين سعر السوق الرسمي والموازي للدينار يعكس الأزمة النقدية الحادة وتنامي قلق الجمهور، كما تحدث عن الطوابير الكثيفة أمام محطات الوقود نتيجة نقص البنزين، إلى جانب الانقطاعات المتكررة في التيار الكهربائي ونقص السيولة في البنوك.

رغم التوترات، حافظت المؤسسات الحكومية على سير عملها، حيث أعلنت وزارة التربية والتعليم إتمام امتحانات الشهادة الثانوية وفق الجدول المحدد دون تعطيل، كما استمر السير في الشوارع بوتيرة طبيعية تدل على قدرة السكان على التكيف مع الأزمات المتلاحقة. وأعلن مصرف ليبيا المركزي بالتعاون مع وزارة المالية عن إطلاق منظومة “راتبك لحظي” لصرف رواتب أكثر من 2.3 مليون موظف حكومي إلكترونياً، وتم حتى الآن تنفيذ حوالى 950 ألف معاملة، ما يوفر شفافية وسهولة في التأكد من وصول الرواتب. ومع ذلك، تواجه المنظومة اعتراضات من ديوان المحاسبة الموازي، الذي حذر في مذكرة رسمية من المخاطر القانونية والفنية، مشيراً إلى أن النظام قد يُعرض المالية العامة للخطر بسبب تعديه على صلاحيات الجهات المختصة، خاصة وأن بند الرواتب يشكل أكثر من 45% من إجمالي الإنفاق الحكومي.

العنصر التفاصيل
سعر صرف الدولار (رسمي) 6.4 دنانير
سعر صرف الدولار (موازي) 7.8 دنانير
عدد الموظفين المشمولين بمنظومة “راتبك لحظي” أكثر من 2.3 مليون موظف
المعاملات المنجزة حتى الآن حوالي 950 ألف معاملة
  • انتشار آليات عسكرية ثقيلة في أطراف طرابلس الجنوبية
  • تصاعد القلق والطلب على المواد الغذائية والوقود والدولار
  • تأثير التوتر على سوق العملات وارتفاع أسعار السلع الأساسية
  • استمرار عمل المؤسسات الحكومية وإجراء الامتحانات في موعدها
  • إطلاق منظومة إلكترونية لصرف رواتب الموظفين الحكومية رغم الخلافات

تعيش طرابلس حالة توتر متصاعدة دفعت المواطنين إلى التسلح عملياً بالتموين والادخار بالعملة الصعبة وسط مخاوف من تداعيات أمنية تلوح في الأفق، بينما تسعى الجهات الحكومية إلى الحفاظ على استقرار مؤسسات الدولة والخدمات الأساسية، في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.