احتياطي قياسي.. كيف تعزز احتياطيات مصر من قوة الاقتصاد الوطني بعد الارتفاع الكبير في الذهب؟

البنك المركزي المصري يسجل زيادة غير مسبوقة في احتياطيات الذهب خلال عام 2025، معتمداً على استراتيجيات التحوط التي تجمع بين تقلبات الأسعار العالمية والتوترات الجيوسياسية وضعف الدولار الأمريكي. هذا التوسع الكبير يعكس أولويات واضحة لتعزيز الأصول الاحتياطية وتعزيز الأمان المالي للبلاد وسط بيئة اقتصادية معقدة.

زيادة احتياطيات الذهب في البنك المركزي المصري وتأثير التحوط الجيوسياسي

شهدت احتياطيات الذهب في البنك المركزي المصري نمواً بارزاً وصل إلى 217.9 مليار جنيه خلال السنة المالية المنتهية في يونيو 2025، حيث ارتفع رصيد الذهب إلى 672.9 مليار جنيه مقارنة بـ 454.9 مليار جنيه في يونيو 2024، بزيادة بلغت 48.9%، أي ما يعادل 48.9 مليار دولار أمريكي، ما يعد أكبر ارتفاع غير مسبوق في تاريخ البنك المركزي المصري. جاء هذا النمو مدعوماً بأسعار الذهب القياسية عالمياً التي ارتفعت من 2326 دولارًا في يونيو 2024 إلى 3343 دولارًا بنهاية يونيو 2025، بنسبة نمو تقارب 40% سنوياً، وسط تغيّرات السياسة العالمية وضغوط التضخم والرسوم الجمركية الإضافية. خلال النصف الأول من 2025، بلغ رصيد الذهب 132.5 مليار جنيه، ما يعكس استراتيجية واضحة للتحوط والتعامل مع تقلبات السوق العالمية بشكل فعّال.

التحوط بالذهب كاستراتيجية أمان في ظل ضعف الدولار والتوترات الدولية

يرى المحللون الاقتصاديون أن الأوضاع الجيوسياسية المتصاعدة دفعت مصر إلى توسيع مشترياتها من الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا للمال، خاصة مع توقعات ارتفاع أسعار الأوقية بين 4500 و6800 دولار خلال الأعوام الخمسة القادمة، مدفوعة بارتفاع الطلب العالمي وضعف الدولار الأمريكي من قبل البنوك المركزية. وصف الاقتصادي إديل عامر الذهب بأنه الركيزة الأساسية ضمن الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي، كونه يشكل “صمام أمان” للاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات الاقتصادية ودعم دفع الالتزامات الخارجية الحيوية. من جهته، أكد نائب رئيس قسم الذهب، أمير الأمير، أن احتياطات البنك المركزي من المعادن الثمينة مستقلة تمامًا عن تقلبات سوق الذهب في المتاجر العادية؛ حيث تُستخدم فقط في حالات الحاجة إلى السيولة الفورية بالدولار، نظراً لقدرة الذهب على التحول إلى أصول ثابتة بسهولة.

النمو المالي والتوجه العالمي نحو زيادة احتياطات الذهب

أظهرت البيانات المالية للبنك المركزي زيادة إجمالية في الأصول بلغت 6.33 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2025، مع ارتفاع صافي الأرباح إلى 77.6 مليار جنيه، مقارنة بـ 54.7 مليار جنيه في السنة المالية السابقة 2024، ما يمثل تحسناً كبيراً بعد الخسائر التي تكبدها البنك في العامين السابقين بلغت حوالي 86 مليار جنيه. كما ساهم البنك المركزي بمبلغ 90.34 مليار جنيه في رأس مال شركات القطاع المصرفي خلال العام الأخير، مقارنة بـ 14.5 مليار جنيه في العام الذي سبقه، معززا من استقراره وقدرته على التمويل. يتماشى هذا الأداء مع توجه عالمي أعلن عنه مجلس الذهب العالمي، حيث أشار إلى أن 95% من البنوك المركزية حول العالم عزمت على زيادة احتياطياتها الذهبية خلال عام واحد، وهو الأعلى منذ بدء المسح السنوي، ويرجح أن 76% منها تخطط للاستمرار في هذه الزيادة خلال السنوات الخمس المقبلة لمواجهة تراجع قيمة الدولار الأمريكي. وقد تجاوزت مشتريات البنوك المركزية للذهب في الأعوام الثلاث الأخيرة سنوياً أكثر من 1000 طن، مقارنة بمتوسط 400-500 طن في العقد الماضي.

  • سجل البنك المركزي المصري ارتفاعاً قياسياً في رصيد الذهب خلال عام 2025
  • التحوط بالذهب جاءت استجابة للتوترات الجيوسياسية وضغوط الأسواق المالية
  • أسعار الذهب العالمية شهدت نمواً قدره حوالي 40% في العام المالي
  • محللون يؤكدون أهمية الذهب كملاذ آمن ووثيقة اقتصادية للبنك المركزي
  • ارتفاع صافي أرباح البنك المركزي يعكس تحسناً اقتصادياً مؤسسياً
  • الاتجاهات العالمية تشير إلى زيادة مستمرة في احتياطيات الذهب للبنوك المركزية
المؤشر المالي القيمة (مليار جنيه)
رصيد الذهب في يونيو 2025 672.9
رصيد الذهب في يونيو 2024 454.9
زيادة رصيد الذهب 217.9
إجمالي الأصول في يونيو 2025 6,330
صافي الربح في 2025 77.6
صافي الربح في 2024 54.7

يبرز من كل ذلك أن زيادة الاحتياطي المركزي المصري من الذهب ليست خطوة عابرة، بل تعبير واضح عن اعتماده على الذهب كأداة استراتيجية لتحصين الاقتصاد الوطني من الأزمات المحتملة، مع تقوية ثقة الأسواق الداخلية والخارجية بصلابة وأمان الأصول الاحتياطية؛ وهو توجه متناسب مع خطط دولية تضغط نحو المزيد من تعزيز الاستثمارات في المعدن النفيس، خاصةً في ظل تقلّبات الاقتصاد العالمي وتراجع قيمة العملات الرئيسية كالولايات المتحدة الأمريكية.