الإيجار القديم في مصر وتعديلاته وتأثيرها على المستأجرين والملاك
الإيجار القديم في مصر يشكل نقطة تحولٍ حاسمة بعد التعديلات الأخيرة التي أقرها البرلمان، حيث يعتمد العديد من الأسر على انخفاض قيمة الإيجار لضمان استقرار مادي وسط تحديات الاقتصاد والغلاء، فيما يواجه الملاك مطالب بتحديث العلاقة الإيجارية التي استمرت لعقود طويلة. هذا المقال يستعرض التغيرات الجديدة وتأثيرها على سوق الإيجارات والعائلات المتأثرة.
تغييرات الإيجار القديم وتأثيرها على الاستقرار المادي للمستأجرين
الإيجار القديم كان يشكل ملاذًا أمنيًا لكثير من الأسر مثل خضرة إبراهيم علي التي تدفع أقل من 11 جنيهاً شهريًا مقابل شقتها في قلب القاهرة منذ خمسين عاماً، وهو الأمر الذي منحها قدرًا من الاستقرار المالي رغم تضخم الأسعار وتراجع الدعم الحكومي. إلا أن التعديلات التي أقرها البرلمان في يوليو، وألغت الإيجار الثابت وسمحت بإخلاء العقارات بعد فترة انتقالية، هزّت هذا الاستقرار. القانون يشترط إخلاء الوحدات السكنية خلال سبع سنوات والوحدات غير السكنية خلال خمس سنوات، مما أثر سلبًا على الآلاف من المستأجرين الذين كان يعتمدون على القيمة المنخفضة للإيجار. ترسم خضرة مخاوفها قائلة: “بيتي من عام 1973، خايفة لا أنام، يعني أطرد بره؟”، معبرة عن قلقها العميق من هذا التغيير الكبير الذي يهدد مستقرها.
الجدل بين حماية المستأجرين ومطالب الملاك بتعديل الإيجار القديم
رغم الخوف الكبير لدى شريحة واسعة من المستأجرين، يرى مؤيدو التعديلات أنها ضرورية لتصحيح وضعية ملاك العقارات القديمة الذين استمروا لسنوات طويلة في استلام مبالغ مالية رمزية أدت إلى تدهور المباني وقلة الصيانة. فالمالك طارق محمد يتساءل: “هل منطق أن المستأجر الفقير المسن يحافظ على وضعه والمالك يبقى في مأمن؟”، وهو يحصل على 12 جنيهاً شهريًا عن شقتين وجنيهين مقابل محل تجاري. هذا الأمر يوضح الضغوط التي يشعر بها أصحاب العقارات. وفي المقابل، تعهدت الحكومة بتوفير شبكة أمان ودعم للمستأجرين المتضررين؛ إذ وافق مجلس الوزراء في أغسطس على لوائح تخصيص وحدات سكنية للمستأجرين القدامى، وأكد وزير الشؤون النيابية محمود فوزي أن الدولة ملتزمة تمامًا بضمان سكن ملائم لهم دون ترك أي عائلة بلا مأوى.
تحديات السوق السكني ومستقبل الإيجار القديم في ظل التعديلات الجديدة
تُشير بيانات وزارة المالية إلى تزايد الضغط على المعروض السكني الذي يسعى لتلبية حاجة أكثر من 530 ألف أسرة تعتمد على عقود الإيجار القديم، مع قوائم انتظار طويلة للسكن الاجتماعي الذي يوفره البرنامج الحكومي بحوالي 69 ألف وحدة سنويًا. وفي هذا السياق، يوضح الباحث عمراني مي قابيل أن الزيادة الكبيرة في الإيجارات ستصبّ ثقلها على الأسر ذات الدخل المحدود، خاصة أن الحد الأدنى للأجور الرسمي في مصر يبلغ نحو 7000 جنيه لكنها لا تعكس واقع أجور القطاع الخاص، والأسعار سترتفع لصورة تفوق قدرة كثيرين على التحمل وسط استمرار الغلاء.
- فترات انتقالية للإخلاء: 7 سنوات للوحدات السكنية، 5 سنوات للوحدات غير السكنية
- ارتفاع الإيجارات بمعدلات متفاوتة: 20 ضعفاً في المناطق المتميزة، 10 أضعاف في المتوسطة والاقتصادية
- تحديد حد أدنى للإيجارات: 1000 جنيه في المناطق المتميزة، 400 جنيه في المتوسطة، 250 جنيهًا في الأحياء الفقيرة
- زيادة سنوية بنسبة 15% بعد المرحلة الانتقالية
مدة الإخلاء | نوع الوحدة |
---|---|
7 سنوات | الوحدات السكنية |
5 سنوات | الوحدات غير السكنية |
ويؤكد مصمم المدن أحمد زعزع أن تعجيل طرح الوحدات السكنية في السوق قد يؤدي إلى فوضى في الأسعار، وقد تؤثر عملية التطوير العمراني بشكل سلبي على الطابع التاريخي والأصالة الشعبية لأحياء القاهرة القديمة، خاصة مع احتمالية استبدال المحال الصغيرة بمتاجر كببرة، أو ظهور عقارات جديدة بقوانين وتصاميم تخالف الهوية العمرانية. ويجسد محمد حسن، صاحب متجر بالخصوص، القلق الذي يسود بين صغار التجار والمستأجرين معه حين يقول: “أنا حياتي ادمرت، أخرج من محلي بعد خمس سنين، ومن شقتي بعد سبع سنين، أروح فين؟”.
الإيجار القديم في مصر يشهد تغييرات جذرية تعيد رسم المشهد العقاري والاجتماعي، توازن بين حقوق المستأجرين وأصحاب العقارات وتفرض تحديات كبيرة لسياسات الإسكان والتنمية الحضرية في البلاد.