العمل الخيري.. نقلة نوعية في ثقافة المجتمع الإماراتي تتجذر يوماً بعد يوم

العمل الخيري في دولة الإمارات والتزامها بالمساعدات الإنسانية الخارجية يمثلان ركيزة أساسية في نهجها التنموي والإنساني الذي يبرزه «اليوم الدولي للعمل الخيري» الذي يصادف الخامس من سبتمبر من كل عام؛ حيث تؤكد الإمارات من خلاله استمرار دعمها وتعزيزها لمبادرات العمل الخيري على المستوى الدولي، مستندة إلى ثقافة أصيلة وتاريخ طويل من التضامن والتكافل مع الشعوب المتضررة في مختلف الأوقات.

مساهمات الإمارات في العمل الخيري والمساعدات الإنسانية الخارجية

تعد المساعدات الإنسانية الخارجية في دولة الإمارات جزءًا لا يتجزأ من مسيرتها ومسؤولياتها الأخلاقية تجاه الدول الأقل حظًا، وهو ما جاء واضحًا في المبدأ التاسع من مبادئ الخمسين، الذي يرسخ التزام الدولة بمساندة الشعوب المتعطشة للرخاء والتنمية بشرح متجدد؛ إذ تجاوزت قيمة هذه المساعدات حتى منتصف عام 2024 مبلغ 360 مليار درهم (ما يعادل 98 مليار دولار أمريكي)؛ مما يعكس عمق هذه المسؤولية وأهميتها في سلم أولويات الدولة. يصادف هذا النجاح نشر الإمارات جهودها لتقديم المساعدة لإخوانها الفلسطينيين في غزة من خلال عملية «الفارس الشهم 3»، وسعيها المستمر لدعم الأشقاء في السودان بقيمة تجاوزت 3.5 مليارات دولار خلال العقد الماضي، فضلاً عن إغاثة الشعب الأوكراني، حيث استفاد أكثر من 1.2 مليون شخص من مساعداتها حتى فبراير 2024.

مبادرات الإمارات في إغاثة ضحايا الكوارث الطبيعية والعمل الخيري التنموي

تتجلى أهمية العمل الخيري والمساعدات الإنسانية الخارجية في الإمارات من خلال دعمها المتواصل لضحايا الكوارث الطبيعية، حيث قدمت خلال العام الحالي مساعدات غذائية وإغاثية لجمهورية تشاد، شملت 30 ألف سلة غذائية وأكثر من 20 ألف غطاء، كما دفعت الإمارات جهودها لتخفيف آثار الفيضانات في الصومال، حيث أرسلت 700 طن من الإمدادات العاجلة، بالإضافة إلى تقديم دعم لما يقرب من 80 ألف شخص في ميانمار بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب البلاد. وفي إطار الأزمة اليمنية، أعلنت الإمارات في بداية سبتمبر 2024 تقديم مساعدات إنسانية عاجلة لـ 960 أسرة تأثرت بالسيول في الساحل الغربي. علاوة على ذلك، وقعت وكالة الإمارات للمساعدات الدولية اتفاقية لبناء مستشفى الشيخة فاطمة بنت مبارك ومركز لغسيل الكلى في العاصمة التشادية نجامينا، ما يعكس اهتمام الدولة بتطوير البنية الصحية في المناطق المحتاجة.

  • إطلاق «وقف الأب» الذي يساهم في توفير الرعاية الصحية للمحتاجين
  • تطوير المستشفيات وتأمين الأدوية والعلاجات في المجتمعات الأقل حظا
  • تنفيذ مبادرات ومشاريع إنسانية متعددة في دول عدة

دور المؤسسات الإنسانية الإماراتية والتنظيم القانوني للعمل الخيري

تقوم منظومة العمل الخيري والمساعدات الإنسانية الخارجية في الإمارات على إشراف ديوان الرئاسة من خلال مجلس الشؤون الإنسانية الدولية، الذي يدير مجموعة واسعة من المبادرات الخيرية والتنموية، كما تمتلك الدولة عددًا كبيرًا من المؤسسات والجمعيات الخيرية الفاعلة، مثل جمعية دبي الخيرية التي قدمت مساعدات لملايين المستفيدين في 21 دولة تشمل الإمارات، وجمعية الشارقة الخيرية التي تجاوزت مساعداتها ومشاريعها 214 مليون دولار خلال النصف الأول من 2024، مستفيدة منها أكثر من مليون ونصف شخص. في إمارة رأس الخيمة، أعلنت مؤسسة صقر بن محمد القاسمي عن إنجازات نوعية خلال الفترة ذاتها، فيما نفذت جمعية الإمارات الخيرية 1451 مشروعًا، وتجاوزت جهوزية مشاريع هيئة الأعمال الخيرية العالمية 222 مليون درهم.

المؤسسة قيمة المشاريع والمساعدات حتى منتصف 2024
جمعية الشارقة الخيرية 214 مليون و415 ألف دولار
هيئة الأعمال الخيرية العالمية 222 مليون درهم
مؤسسة سعود بن راشد المعلا 18.2 مليون درهم
جمعية الإحسان الخيرية أكثر من 60 مليون درهم

يمثل التنظيم القانوني ركيزة مهمة في مسيرة العمل الخيري الإماراتي، حيث أصدرت الدولة القانون الاتحادي رقم 3 لسنة 2021 لتنظيم جمع التبرعات وحماية حقوق المتبرعين، مما يضمن شفافية التمويل وسرعة التنفيذ. كما أطلقت العديد من الحملات الإنسانية التي تعكس المعاني النبيلة للعمل الخيري والمساعدات الإنسانية الخارجية، منها حملة «عونك يا يمن» 2015، و«لأجلك يا صومال» 2017، وحملة الروهينغا 2019، و«لنجعل شتاءهم أدفأ» 2022، إضافة إلى حملات «جسور الخير»، و«تراحم من أجل غزة»، و«الإمارات معك يا لبنان»، التي تشكل أدوات فاعلة لتقديم الدعم المباشر والفوري للمحتاجين، مؤيدة بذلك النهج المتجذر في ثقافة العمل الخيري الإماراتي.

يمثل العمل الخيري في دولة الإمارات ومساعداتها الإنسانية الخارجية إرثًا نابضًا بالحياة، يرتكز على قيم التضامن والتكافل مع الشعوب الأقل حظًا، مما يعكس للمجتمع الدولي أسمى معاني الإنسانية والالتزام الثقافي والتنموي، في مسارات تتفاعل مع كل الأزمات وتتسم بالفعالية والتأثير عبر مؤسسات ودعم تعاوني دائم ومستدام.