شراكة استراتيجية.. مصر والسودان تمهدان لتحولات كبرى في تجارة المعادن المستقبلية

مصر والسودان على أعتاب شراكة ذهبية جديدة تعيد تشكيل خريطة تجارة المعادن في المنطقة باتت محور اهتمام اقتصادي إقليمي، حيث تبرز مصر والسودان في مسار بناء تحالف استراتيجي قوي لتجارة الذهب، بعد اتخاذ الإمارات قرارها بفرض حظر شامل على التعامل التجاري مع السودان، ما دفع الخرطوم إلى إعادة تنظيم صادراتها وتوجيهها نحو شريك بديل لتعزيز تسويق الذهب كأحد أهم مواردها الاقتصادية الحيوية.

حظر الإمارات وتأثيره على خريطة تجارة الذهب بين مصر والسودان

في 7 أغسطس الأخير، قررت الإمارات اتخاذ خطوة مفاجئة بإيقاف التبادل التجاري مع السودان بشكل كامل، شاملة عبور الشحنات عبر موانئها، مما شكل تحديًا كبيرًا لصادرات الذهب السوداني التي وصلت إلى حوالي 64 طنًا خلال 2023، بقيمة تجاوزت 1.5 مليار دولار، حيث كانت الإمارات الوجهة الأولى لهذه الصادرات بحجم تعامل تجاري بلغ 2.2 مليار دولار في العام الماضي. هذا الحظر أجبر السودان على البحث عن بدائل استراتيجية لتسويق الذهب، لتقع الأعين فورًا على مصر كخيار أساسي بسبب الأواصر الجغرافية والسياسية.

تحركات السودان نحو تعزيز التعاون الاستراتيجي مع مصر في قطاع الذهب

في أعقاب الحظر الإماراتي، سارعت الخرطوم إلى إقامة جسور تعاون جديدة مع القاهرة، حيث جرت لقاءات رسمية بين وزير المعادن السوداني ونظيره المصري في وزارة البترول والثروة المعدنية، مؤكدًا أهمية تعزيز الشراكة في التعدين. بدأت شحنات الذهب السوداني بالوصول لموانئ مصر، في مؤشر واضح على تشغيل آليات التعاون بين البلدين. وتتمتع مصر ببنية تحتية متطورة وحدود مشتركة مع السودان، ما يجعلها الشريك التجاري الأمثل لاستيعاب صادرات الذهب السوداني خلال المرحلة المقبلة، متجاوزة بذلك عقبة الحظر المفروض.

مصر ترفع سقف طموحاتها في سوق الذهب العالمي عبر الشراكة مع السودان

ليست الفرصة من جانب واحد، إذ تستهدف مصر توسيع نفوذها عالميًا في سوق الذهب والمعادن الثمينة، حيث حققت صادرات الذهب والمجوهرات ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 194% في النصف الأول من 2025 مقارنة بنفس الفترة من عام 2024، مسجلة 3.93 مليار دولار، بينما بلغ حجم صادرات الذهب فقط 2.17 مليار دولار خلال أول تسعة أشهر من 2024 مقارنة بـ 1.11 مليار دولار في 2023. تسعى مصر لدخول قائمة أكبر عشرة مصدرين للذهب عالميًا بحلول عام 2027، وجعل التعاون مع السودان خطوة استراتيجية تعزز موقعها، خصوصًا مع امتلاك السودان كميات هائلة من الذهب غير المستغل، ويبحث عن شريك يمتلك بنية تصنيعية وتصديرية متكاملة لتحقيق أقصى قيمة مضافة.

• تعزيز التعاون الأمني والسياسي بين البلدين
• تطوير البنية التحتية للتعدين والتصدير في مصر والسودان
• بناء سلاسل إنتاج وتصنيع متكاملة لدعم قيمة الذهب المصدّر

قرار الحظر الإماراتي لم يكن مجرد عقبة؛ بل مثّل نقطة تحول لإعادة تشكيل التحالفات في سوق المعادن الإقليمية، حيث تبدو مصر الوجهة الطبيعية لتصدير الذهب السوداني، ليس فقط لموقعها الجغرافي، بل لامتلاكها رؤية اقتصادية مشتركة تهدف لتعظيم عوائد قطاع المعادن، ما يفتح الباب أمام تحالف إقليمي موسع يعيد تعريف أدوار البلدين في أسواق الذهب ويمنحهما نفوذًا متزايدًا في تجارة المعادن الثمينة خلال السنوات المقبلة، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للتعدين والتجارة، ويؤهل السودان لاستثمار موارد معدنية ضخمة عبر شريك يمتلك البنية اللازمة لتحقيق أقصى قدرة تصديرية وانتاجية.