أسطورة الضحك.. كيف حوّل فؤاد المهندس المشاهدين إلى بحور من البهجة والكوميديا؟

فؤاد المهندس.. مهندس البهجة وأسطورة الكوميديا المصرية الذي ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ الفن المصري، حيث شكّل إرثًا فنيًا هائلًا بين السينما والمسرح والإذاعة والتلفزيون، ويظل اسمه مرتبطًا بالكوميديا الراقية التي تجمع بين الضحك والرسائل الاجتماعية والسياسية. مع اقتراب ذكرى ميلاده الـ101 في 6 سبتمبر 2025، تتجدد الأضواء على أعماله لتُثبت أن مهندس البهجة ما زال حاضرًا في قلوب الجماهير رغم مرور 19 عامًا على رحيله.

بدايات فؤاد المهندس ومسيرته في عالم الكوميديا المصرية

ولد فؤاد المهندس في عام 1924 بالقاهرة داخل أسرة متوسطة الحال، وتميز منذ طفولته بخفة دم وحس فني متميز جعلاه يتفوق بين أقرانه. التحق بكلية التجارة في جامعة القاهرة، وهناك اكتشف موهبته التمثيلية عندما انضم إلى فريق المسرح الجامعي، الذي كان نقطة الانطلاق الحقيقية لفؤاد المهندس نحو عالم الفن والسينما والمسرح، ليصبح مهندس البهجة الذي يعرفه الجميع اليوم.

أعمال فؤاد المهندس السينمائية والمسرحية التي صنعت أسطورة الكوميديا المصرية

يحتل فؤاد المهندس مكانة مرموقة في تاريخ الكوميديا المصرية، إذ قدّم عشرات الأفلام التي تركت علامة بارزة، مثل “أرض النفاق” الذي عكس صورة نقدية للمجتمع، و”أخطر رجل في العالم” الذي جمع بين الإثارة والكوميديا، إضافة إلى “اعترافات زوج” و”العتبة جزاز” الذي يعتبر من أشهر أعمال الستينات. كما شارك في أعمال خالدة إلى جانب كبار النجوم مثل عبد الحليم حافظ في “الخطايا” و”معبودة الجماهير”، وشارك في فيلم “عائلة زيزي” مع وجوه شابة آنذاك، وفي الثمانينات أبدع في “البيه البواب” مع أحمد زكي ما أظهر قدرته على التكيّف مع أجيال الفن الجديدة.

وللمسرح مكانة خاصة في حياة فؤاد المهندس، إذ شكّل المسرح مملكته التي نبضت بروحه المرحة، حيث قدّم أعمالًا عُرضت وما زالت تُعرض بين الحين والآخر مثل:

  • “سيدتي الجميلة” المقتبسة من مسرحية عالمية شهيرة
  • “إنها حقًا عائلة محترمة” لكوميديا إنسانية نالت إعجاب الجمهور
  • “سك على بناتك” التي تركت بصمات لا تُنسى
  • “هالة حبيبتي” و”علشان خاطر عيونك” اللتين عبّرتا عن روحه المرحة والضحكة الأصيلة

مساهمات فؤاد المهندس في الإذاعة والصوتيات وتأثيره في الكوميديا المصرية

لم يقتصر تأثير فؤاد المهندس على السينما والمسرح فقط، بل كان له حضور قوي في مجال الإذاعة والدراما الصوتية، من خلال برنامجه الشهير “كلمتين وبس”، الذي استخدمه للتعليق على القضايا الاجتماعية بأسلوب ساخر، مؤكدًا حضوره الفريد بجملته الخالدة “مش كده ولا إيه؟” التي أصبحت شعارًا يتداوله الجمهور حتى الآن.

تميز فؤاد المهندس بإفيهاته التي تحولت إلى أمثال شعبية، من أشهرها:

  • «المكنة طلّعت قماش» من فيلم “عائلة زيزي”
  • «سك على بناتك لكن اعطيهم المفتاح» من مسرحية “سك على بناتك”
  • «كنت سيبيه يمسكها يا فوزية» التي صارت أمثلة متكررة في الثقافة الشعبية

رأى النقاد أن فؤاد المهندس لم يكن مجرد ممثل كوميدي بل مدرسة متكاملة في الأداء، فقد وصفه الدكتور وليد الخشاب بأنه “رمز للبهجة ووجه من وجوه التحرر الوطني”، مشيرًا إلى ارتباط فنه بمرحلة تاريخية هامة في الذاكرة الثقافية المصرية. أما الناقد الفني أحمد سعد الدين فاعتبره “أستاذًا كبيرًا وصانعًا للنجوم”، مؤكدًا أن لوحات فؤاد المهندس الكوميدية تحمل رسائل إنسانية واجتماعية تمس الجمهور بعمق.

ويرى كثيرون أن فؤاد المهندس هو امتداد طبيعي للفنان الكبير نجيب الريحاني، لكنه أسس مدرسة مختلفة صنعت عددًا من النجوم الكبار مثل عادل إمام، الذي بدأ مشواره الفني معه، وشيريهان التي برزت في مسرحياته، ومحمد أبو الحسن الذي كان من بين النجوم الذين انعكس نجاحهم بفعل دعمه الفني.

الجانب الأعمال المشهورة
السينما أرض النفاق، أخطر رجل في العالم، اعترافات زوج، العتبة جزاز، الخطايا، معبودة الجماهير، عائلة زيزي، البيه البواب
المسرح سيدتي الجميلة، إنها حقًا عائلة محترمة، سك على بناتك، هالة حبيبتي، علشان خاطر عيونك
الإذاعة برنامج كلمتين وبس

لا يزال إرث فؤاد المهندس الفنّي متداولًا بين الجمهور المتعطش للضحك الأبيض والمواقف الاجتماعية الذكية، فحتى بعد رحيله عام 2006، تستمر قنوات التلفزيون في عرض أعماله، وتكتظ صفحات التواصل الاجتماعي بمقاطع من مسرحياته وأفلامه التي تعزز من حضوره المستمر كـمهندس البهجة وأساطير الكوميديا في مصر. تجدد الذكرى السنوية لميلاده أو وفاته يعني عودة الروح إلى أعماله التي أثرت حياة أجيال متعددة، ويبقى عنوان ابتسامته وحكمته “مش كده ولا إيه؟” شاهدًا أبديًا على البسمة التي لا تفارق قلوب محبيه.