الأداء المذهل.. يعزز الدولار بعد تفوق مستدام للأسواق المالية الأمريكية

دولار أمريكي يعاني من تراجع دوري وسط تحديات هيكلية معقدة في عام 2025، حيث فقد مؤشر الدولار (DXY) أكثر من 10% منذ بداية العام، مسجلاً أكبر انخفاض سنوي منذ فك ارتباط الدولار مع الذهب عام 1973، ما يعكس تحولات مهمة في المشهد الاقتصادي العالمي وأداء الأسواق المالية الأمريكية.

تاريخ قوة الدولار الأمريكي وأسباب تفوقه في الأسواق العالمية

أكد بنك قطر الوطني QNB أن الدولار الأمريكي بقي واحداً من أقوى العملات العالمية وأهم الأصول المالية على مدى خمس عشرة سنة، منذ الأزمة المالية العالمية وأزمة ديون أوروبا ما بين 2008 و2011 وحتى إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في 2025، حيث ارتفعت قيمة الدولار بأكثر من 50% خلال هذه الفترة. وفسر تقرير البنك الأسبوعي أن السبب الرئيسي في قوة الدولار يعود إلى استمرارية تفوق الأسواق المالية الأمريكية، بالإضافة إلى اعتماد المستثمرين العالميين على الأصول الدولارية كملاذ آمن خاصة في ظل ضعف السيولة وارتفاع معدلات المخاطر في الاقتصادات المتقدمة والناشئة. كما ساهم عمق الأسواق الأمريكية وميزات الأمان والابتكار في جذب تدفقات رؤوس الأموال إلى سندات الخزانة وأسهم الشركات، معززة بذلك الطلب على الدولار.

تحديات جديدة تضعف قوة الدولار الأمريكي في 2025

على الرغم من التفوق المستمر، بدأ الدولار الأمريكي يواجه تحديات هيكلية كبيرة في 2025، حيث شهد مؤشر الدولار تراجعاً حاداً يتجاوز 10% منذ بداية العام، وهو أكبر انخفاض سنوي منذ 1973. شمل هذا التراجع العملات الأساسية في سلة المؤشر مثل اليورو، الين الياباني، الجنيه الإسترليني، الدولار الكندي، الكرونة السويدية، والفرنك السويسري. ويشير تحليل أسعار الصرف الفعلية المرجحة بالتجارة والمعدلة حسب التضخم إلى وجود مبالغة مستمرة في تقييم الدولار مقارنة بالمعدلات التاريخية، خصوصاً على المدى البعيد، نظراً للتغيرات في أنماط التجارة واختلالات الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى الفروق في معدلات التضخم بين الدول.

  • تراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة تزيد عن 10% خلال 2025
  • شمول التراجع كافة العملات الرئيسية في سلة مؤشر الدولار
  • استمرار المبالغة في تقييم الدولار عند مقارنته تاريخياً
  • انعكاس تغيرات في أنماط التجارة واختلالات اقتصادية
  • تفاوتات في معدلات التضخم بين الاقتصادات المختلفة

توقعات مستقبلية لتراجع الدولار الأمريكي وتأثيراتها الاقتصادية

يتوقع تقرير بنك قطر الوطني أن يواجه الدولار الأمريكي تراجعاً ملحوظاً في «الاستثنائية الأمريكية» خلال الفترة 2025-2027، مع تقارب الفوارق في معدلات النمو وأسعار الفائدة بين الولايات المتحدة والاقتصادات المتقدمة، لا سيما منطقة اليورو. يُتوقع تضاؤل فارق معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بين الولايات المتحدة ومنطقة اليورو من 220 نقطة أساس سنوياً في السنوات الماضية إلى 70 نقطة أساس في الفترة 2025-2027، مدعوماً بتغيرات في السياسات المالية وسياسات الهجرة الأمريكية، مقابل سياسات مالية أكثر إيجابية في أوروبا. كما أن البنك المركزي الأوروبي يقترب من إنهاء برنامجه لتخفيف السياسة النقدية، بينما يتجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو خفضات كبيرة في أسعار الفائدة خلال 2025 و2026، ما سيؤدي إلى تقلص الفجوة الحقيقية بين أسعار الفائدة الأمريكية ونظيرتها الأوروبية من 170 نقطة أساس حالياً إلى الصفر في أواخر 2026.

الفترة الزمنية فارق معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي (نقطة أساس)
قبل 2025 220
2025-2027 70
نهاية 2026 (توقع) 0

من المتوقع أن ترتفع قيمة اليورو مقابل الدولار الأمريكي، نظراً لأن اليورو يمثل 57.6% من سلة مؤشر الدولار، مما قد يُسهم في المزيد من انخفاض مؤشر الدولار. إضافة إلى ذلك، تسعى الإدارة الأمريكية لإعادة هيكلة اقتصادها عبر تقليص عجز الحساب الجاري وتعزيز إعادة توطين الصناعات الحيوية، وهذا من شأنه خفض الفوائض الاقتصادية لدى الشركاء التجاريين الرئيسيين وتقليل تدفقات رؤوس الأموال الداعمة للدولار على المدى المتوسط.

تتداخل هذه العوامل لتضع الدولار الأمريكي في مرحلة فاصلة بين تراجع دوري طبيعي وتحديات هيكلية قد تعيد تشكيل مكانته كعملة احتياطية عالمية، وسط تحولات اقتصادية وسياسية تبقى تحت المراقبة الدقيقة من المستثمرين وصناع القرار على حد سواء.