ارتفاع قياسي.. سعر الدولار يتخطى 48.27 جنيه وبنك الكويت يكشف دوافع الصعود

الجنيه المصري يواصل ارتفاعه مقابل الدولار بنسبة 5% خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2025، مع تسجيل سعر الدولار تراجعاً ملحوظاً في البنوك المصرية خلال سبتمبر، في ظل عوامل اقتصادية عدة أثّرت إيجابياً على سعر صرف الجنيه. ويتناول هذا المقال تحليل أسباب ونتائج هذا الارتفاع، مع استعراض مفصل أهم المؤشرات الاقتصادية المرتبطة به.

تطور سعر الدولار في البنوك المصرية مع استمرار ارتفاع الجنيه المصري

شهد سعر الدولار في البنك المركزي المصري انخفاضاً إلى 48.13 جنيه للشراء و48.27 جنيه للبيع بنهاية تعاملات الثلاثاء مقارنة مع سعر بداية يناير 2025 الذي كان يبلغ 50.70 جنيه للشراء و50.84 جنيه للبيع. سجل بنك مصر والبنك الأهلي المصري نفس الأسعار دون تغيير، حيث بلغ سعر الدولار 48.16 جنيه للشراء و48.26 جنيه للبيع، مما يعكس استقراراً نسبياً للسوق المصرفي في ظل ارتفاع مستمر للجنيه المصري. هذه الأرقام تبرز توجهات واضحة نحو تقوية العملة الوطنية، والتي تعكس تحولات جوهرية في العرض والطلب على الدولار بالسوق الرسمية.

العوامل المؤدية لارتفاع الجنيه المصري مقابل الدولار واستقرار سعر الصرف

تعود أسباب ارتفاع الجنيه المصري إلى التدفقات القوية من المحافظ الاستثمارية، خاصة تلك التي تستثمر في أذونات الخزانة قصيرة الأجل، حيث بلغت قيمة هذه التدفقات 6.6 مليار دولار بين مايو وأغسطس 2025. وأشار تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني إلى أن صافي دخول المحافظ الاستثمارية في أغسطس سجل للشهر الرابع على التوالي، ما ساهم في تمكين الجنيه من الوصول إلى سعر 48 جنيهاً أمام الدولار. كما أن تأثير تدفقات المحفظة الأجنبية كان بارزاً رغم ضعف الدولار عالمياً، إذ انخفض الدولار بنسبة 10.5% مقابل العملات الرئيسية منذ بداية عام 2025، وما زال الجنيه المصري محافظاً على ارتفاع بنسبة 5.6% فقط خلال نفس الفترة. يدعم ذلك وفرة ملحوظة في السيولة بالعملات الأجنبية داخل القطاع المصرفي.

تأثير حوالات المصريين بالخارج والإيرادات السياحية على دعم الجنيه المصري

شهدت حوالات المصريين العاملين في الخارج ارتفاعًا ملموسًا، حيث ارتفعت الحوالات بنسبة 66% لتصل إلى 36.5 مليار دولار خلال السنة المالية 2025/2024، مع تسجيل رقم قياسي شهري في يونيو بقيمة 3.6 مليار دولار. ويُعد أثر سنة الأساس عاملاً رئيسياً في هذه الزيادة، التي تجاوزت حاجز الـ 30 مليار دولار. من ناحية أخرى، سجلت السياحة المصرية أيضًا نمواً بنسبة 23% في عدد الزوّار خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2025، مع توقعات بنمو يصل إلى 20% خلال العام الكامل، في ظل زيادة بمعدلات إشغال الفنادق التي تجاوزت 80% في معظم المناطق السياحية. هذا النشاط الاقتصادي المكثف يعزز من تدفقات العملات الأجنبية ويُساند استقرار الجنيه أمام الدولار.

صافي الأصول الأجنبية وتركيبة ودائع البنوك لدى البنك المركزي وتأثيرها على الجنيه المصري

ارتفع صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك المصرية إلى 8 مليارات دولار في يوليو بزيادة 64% عن الشهر السابق، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر 2014، كما وصل صافي الأصول الأجنبية للنظام المصرفي، شاملاً البنك المركزي، إلى 18.5 مليار دولار نهاية يوليو بزيادة 24%، مسجلاً أعلى قراءة منذ فبراير 2021. وتعزى هذه الزيادة إلى التدفقات الناتجة عن عمليات تجارة المناقلة، مع مساهمة واضحة من حوالات العاملين بالخارج وإيرادات السياحة، مما يخفف من المخاطر المرتبطة بأي تدفقات مالية خارجة مستقبلاً. على الجانب الآخر، تراجعت ودائع البنوك لدى البنك المركزي المصري عبر عمليات السوق المفتوحة بنسبة 75% منتصف سبتمبر لتصل إلى 87 مليار جنيه مقارنةً بـ 344 مليار جنيه في المزاد السابق، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة التي دفعت بأرصدة السوق المفتوحة لأكثر من تريليون جنيه مصري منذ بداية 2025.

• تدفقات المحافظ الاستثمارية ترفع الجنيه المصري
• حوالات المصريين بالخارج وإيرادات السياحة تزيد من الطلب على العملة المحلية
• انخفاض ودائع البنوك لدى البنك المركزي يعكس تحولات في السيولة النقدية

ومع استمرار التيسير النقدي، تتجه السيولة تدريجياً إلى سوق الخزانة، ما يؤدي إلى فصل بين عوائد أذونات الخزانة قصيرة الأجل ومعدلات عمليات السوق المفتوحة المتأثرة بأسعار الفائدة الرسمية. ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه خلال 2026، مع تحفيز البنوك للاستفادة من أذونات الخزانة عبر عمليات إعادة الشراء، خصوصاً مع انحسار أسعار الفائدة الثابتة في السوق المفتوحة. يعكس تباطؤ النمو الحقيقي للائتمان المحلي والذي بلغ 7% فقط على أساس سنوي في يوليو مقابل 6% في يونيو، أن السيولة المتزايدة لم تذهب نحو تمويل أنشطة الأعمال، بل استُثمرت في سوق الخزانة، مما أدى إلى تضييق ظروف السيولة الموجهة للعديد من الشركات المحلية.