«الضربات الأميركية».. هل تغير خريطة النفوذ والسيطرة في اليمن؟

اليمن يعيش مخاضًا سياسيًا وعسكريًا منذ سنوات، حيث باتت الصراعات تؤثر على أمنه واستقراره بشكل جذري. مع بداية 2024، تصاعدت حدة النزاعات بدخول القوات الأميركية على الخط، مستهدفة جماعة الحوثي. هذه التدخلات جاءت بعد سنوات من تقسيم البلاد فعليًا بين الحكومة الشرعية وتحالف المقاومة الجنوبية الذي يسعى لتحقيق استقلال الجنوب، في مشهد مركب يعكس تعدد الفصائل والقوى المؤثرة هناك.

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن

تأسس مجلس القيادة الرئاسي اليمني في أبريل/نيسان 2022، بتوجيه الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، الذي تنازل عن سلطاته لصالح المجلس. يضم المجلس ثمانية أعضاء يمثلون تشكيلات مسلحة وقوى سياسية متنوعة، جمعت بين أطياف متعددة كخطوة نحو توحيد الأهداف وإنهاء النزاع. تتمركز القوات التابعة للحكومة الشرعية في محافظات المهرة وحضرموت، وأجزاء من مأرب، وتعز، إضافة إلى المناطق الصحراوية شمالي البلاد. بيد أن عدن العاصمة المؤقتة، ومحافظات متاخمة لها كأبين ولحج، تخضع جزئيًا لهيمنة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، ما يعكس مأزق الانقسام الراهن.

المجلس الانتقالي الجنوبي ودوره في المشهد اليمني

صعد المجلس الانتقالي الجنوبي كمكون أساسي في جنوب اليمن، مسلطًا قبضته على مناطق استراتيجية مثل عدن وشبوة والمكلا، ومعززًا نفوذه بخطوات مؤثرة، كإعلان السيطرة على شبوة الغنية بالنفط في أغسطس/آب 2022. قوات المجلس الانتقالي تشمل ألوية الحزام الأمني التي لعبت أدوارًا رئيسية في تحقيق سيطرته. المجلس يركز على انفصال الجنوب كهدف سياسي وميداني، إذ تمكن من إحكام نفوذه على أرخبيل سقطرى وعدة مناطق في المهرة وحضرموت، ويطمح لضم مزيد من المناطق لتحقيق رؤيته.

سيطرة جماعة الحوثي وتطور قدراتها العسكرية

تسيطر جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من شمال اليمن منذ 2014، وتطورت قوتهم العسكرية بشكل لافت، حيث يمتلكون صواريخ باليستية وطائرات مسيرة متقدمة. استغلت الجماعة فراغ السلطة المركزية لإحكام نفوذها على مناطق نفطية واستراتيجية، ما تسبب في توقف صادرات اليمن النفطية نتيجة هجمات شنتها على موانئ حيوية كالنشيمة والضبة. لم تفلح الهجمات الأميركية الجوية في تقليل نفوذهم أو إيقاف هجماتهم على الملاحة البحرية، بل رفعوا سقف تصديهم عبر تطوير أنظمة دفاع جوي أسقطت طائرات أميركية متطورة.

لا يزال اليمن يواجه تحديات كبيرة، إذ تقف الأطراف الفاعلة بين محاولات التسوية السياسية وتوازن القوى المتضاربة. تظل السيناريوهات المستقبلية معلقة بإمكانية إجراء عملية برية عاجلة لاستعادة التوازن وكبح توسع الحوثيين، ما يُنتظر أن يُحدث تأثيرًا ملموسًا على المشهد اليمني.