«وصفة يمنية» تعيد طقوس الأجداد للحياة.. تعرّف على التفاصيل الكاملة

في أعالي جبال اليمن الخضراء المترامية وسط الغيوم، تحمل الرياح نكهة عريقة من التراث الغذائي، هنا تُعد “عصيدة الدُخن بالحلبة” بوصفها أكثر من مجرد وصفة طعام، بل هي جزء من طقوس المجتمع القديم حيث يجتمع أفراد الأسرة من أجل تحضيرها باحترافية تنقلها الأجيال، هذا الطبق الذي يفيض دفئًا يعتبر رمزًا للثقافة اليمنية، بنكهة تحمل عبق التاريخ وروح الأجداد.

طريقة تحضير عصيدة الدُخن

تتكون عصيدة الدُخن بالحلبة من مواد طبيعية مليئة بالفوائد الصحية، يتم استخدام دقيق الدُخن كعنصر أساسي لمنح العصيدة لونًا وقوامًا مميزين، في حين أن إضافة الكمية المناسبة من الدقيق الأبيض أحيانًا يضمن نعومة النسيج. يبدأ التحضير بغلي الماء وإضافة دقيق الدُخن تدريجيًا مع التحريك المستمر للحصول على خليط متماسك. بعد ذلك، يجب ترك المزيج على نار هادئة حتى ينضج بالكامل، ثم يُضاف هنا الكمون المطحون الذي يعزز النكهة.

أما الحلبة، فتُنقع لساعات طويلة للتخلص من مرارتها ثم تُخفق بعناية حتى تصبح رغوة بيضاء ناعمة تُضاف فوق العصيدة. يتم إكمال الطبق بإضافة زيت السمسم البلدي أو السمن قبل تقديمه ساخنًا مع العسل اليمني الأصلي أو اللبن الطازج.

فوائد عصيدة الدُخن بالحلبة

رغم طعمها المائل للمرارة، إلا أن عصيدة الدُخن تُعتبر وجبة مثالية من حيث الفوائد الصحية، فهي تقدم الطاقة اللازمة للجسم وتمنحه إحساسًا بالدفء، ما يجعلها تناسب بشدة الأجواء الشتوية الباردة في الجبال. تحتوي الحلبة والدُخن على مكونات غذائية غنية مثل الألياف والبروتينات التي تساعد في تحسين الهضم وتقوية المناعة.

وتشتهر العصيدة بكونها حلاً طبيعيًا لتحسين الدورة الدموية وإزالة السموم من الجسم، مما يعزز نشاط الجسم خلال اليوم. وإلى جانب طعمها، فإن تقديمها في اللقاءات العائلية يمثل فرصة لجمع الأجيال حول مائدة واحدة لتمرير تقاليد المطبخ اليمني.

تجربة تُخلد في الذاكرة

إن تجربة عصيدة الدُخن ليست مجرد تحضير وصفة، بل هي رحلة إلى الأصالة تحاكي حياة الإنسان اليمني المرتبطة بالأرض والمجتمع. مذاقها ورائحتها يأخذانك بعيدًا نحو هدوء الجبال وطقوس الحياة القديمة حيث كان الأجداد يصنعون طعامهم بعناية وشغف.

تناول هذه العصيدة يمنحك إحساسًا بالارتباط بالتراث اليمني، لتكتشف سر طقوس الطحن والعجن والتحضير التي تجعل من كل طبق ذكريات لا تُنسى. مع اختلاف طرق تقديمها والتنوع في مكوناتها، ستبقى هذه الوصفة حاضرة في قلوب كل من تذوقها واحتفظ بما تحمله من قصة عريقة وطعم متأصل في الجذور.