«أرعب الإمامة».. قصة الشيخ العُقاب البطل الذي واجه الطغيان وواجه الموت!

لقد شهد التاريخ اليمني محطات من النضال والمقاومة مكللة ببطولات قادة نبلاء واجهوا المحن بشجاعة، ومن هؤلاء الشيخ محمد عايض العقاب، بطل انتفاضة حُبيش الشهيرة عام 1919م والتي تُعد من أبرز الأحداث التي واجهت التوسع الإمامي في اليمن. أثبت هذا القائد بصلابته وإرادته مدى قوة الشعب اليمني في الدفاع عن أرضه وهويته رغم الظروف القاسية.

دور الشيخ العقاب في مقاومة الإمامة

كان الشيخ محمد عايض العقاب واحدًا من القيادات البارزة الذين وقفوا في وجه التوسع الإمامي عقب دخول الإمام يحيى حميد الدين صنعاء في عام 1918م. رفض بشدة الخضوع لأي نوع من الطغيان أو الاستبداد، فقرر أن يقود انتفاضة ضد القوى الإمامية، والتي انطلقت من منطقة حُبيش. قاد الشيخ العقاب معارك بطولية ضد قوات الإمام يحيى، حيث واجه ثلاث حملات عسكرية متتالية استهدفت إخضاع تلك المنطقة. رغم شراسة الهجمات الإمامية، تمكن العقاب من إحداث انتصارات أولية، حيث حاصر العديد من جنود الإمامة ومعهم قائدهم في دار الحكومة في ظَلْمَة، مما جعل الإمام يحيى يلجأ لتعزيز قواته بقوات إضافية.

تفاصيل معركة حُبيش الفاصلة

عندما أدرك الإمام يحيى قوة المقاومة في حُبيش بدأ بتحشيد جيش كبير بقيادة الأمير علي بن عبدالله الوزير المعروف بـ”الذئب الأسود” لإخماد الانتفاضة. ومع وصول الجيش إلى سفح جبل حُبيش، واجههم الثوار بقيادة الشيخ العقاب بشجاعة استثنائية. إلا أن نقص الإمكانيات والذخيرة أنهك المقاومة، ورغم صمود الشيخ العقاب، انتهت المعركة بتراجع الثوار بعد تعرضهم لخيانة عدد من المشايخ المحليين، ما أعطى الأفضلية للقوات الإمامية المدججة بالسلاح. انتهت هذه المواجهات نهاية مأساوية، حيث استُبيحت مناطق حُبيش، وتم إذلال سكانها، مع تدمير العديد من حصونها وقراها.

نهاية درامية.. وميراث خالد للبطل العقاب

بعد تعرض الشيخ العقاب للخذلان والخيانة، اضطر إلى طلب الأمان من الإمام يحيى الذي وافق على المصالحة بشرط إعادة بناء منازل الشيخ العقاب وتعويضه ماليًا. لكن النهاية لم تكن سلمية، حيث تعرض الشيخ لمحاولتي اغتيال عن طريق التسميم، الأولى فشلت والثانية نجحت في إنهاء حياته عام 1925م. رغم ذلك، بقيت بطولات الشيخ وعزيمته صرخة بوجه الظلم والطغيان، وخلدت ذكراه في تاريخ المقاومة اليمنية. حتى اليوم، يُذكَر اسمه بفخر كرمز للكرامة والصمود في وجه التحديات والأزمات، في زمنٍ شهد تخاذل الكثيرين عن الوقوف مع الوطن والشعب.

يعد تاريخ انتفاضة حُبيش وقيادة الشيخ العقاب ملهمًا للأجيال كمثال للقوة والإصرار على مواجهة الطغيان. إنه تذكار حيّ على أهمية الدفاع عن الوطن والتمسك بالكرامة رغم الصعاب.