«صدمة جديدة» الذهب يرتفع 2 بالمئة مع تراجع الدولار وتوقعات الفائدة

أحرزت إيران تقدمًا كبيرًا في أول عملية تنقيب عن النفط في بحر قزوين منذ ثلاثين عامًا، وذلك في إطار مساعيها لاستغلال الثروات الطبيعية في التكوين النفطي المسمى “رودسر”، على عمق 70 مترًا تحت سطح البحر وعلى بُعد 15 كيلومترًا من سواحلها الشمالية. تشير التقديرات الأولية إلى أن هذه المنطقة تحتوي على 600 مليون برميل من النفط وما يقارب تريليوني قدم مكعب من الغاز الطبيعي، مما يعكس إمكانيات هائلة للاستثمار النفطي في المنطقة.

التحديات التي أخّرت التنقيب في بحر قزوين

رغم الثروات الهائلة التي يزخر بها بحر قزوين، واجهت إيران تحديات عدة جعلت من التنقيب عن الموارد النفطية فيه عملية معقدة طوال العقود الماضية. لعل أبرز هذه العوائق:

  • العقوبات الاقتصادية التي فُرضت منذ عام 1979، والتي حالت دون حصول إيران على التكنولوجيا الحديثة لعمليات التنقيب في العمق البحري.
  • انخفاض تكاليف استغلال الحقول البرّية داخل البلاد، حيث تُعد من بين الأرخص عالميًا بتكلفة إنتاج تتراوح بين 1 إلى 3 دولارات للبرميل.
  • العقبات السياسية الدولية، خاصة مع تعقيد الوضع القانوني لبحر قزوين بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.

بالإضافة إلى ذلك، أدت اتفاقية الوضع القانوني للبحر في عام 2018 إلى تقليص حصة إيران من الموارد الطبيعية المشتركة، حيث انخفضت من نسبة 50% سابقًا، حين كانت تُشاركها فقط روسيا السوفيتية، إلى 11.875% فقط نتيجة إعادة توزيع الحصص بين الدول المطلة على البحيرة.

كيف أثّرت اتفاقية 2018 على الموقف الإيراني؟

منذ توقيع اتفاقية الوضع القانوني لبحر قزوين في عام 2018، تغيرت معادلة تقاسم الموارد بشكل جذري، إذ تحوّل التعريف القانوني للبحر من “بحيرة” إلى “بحر”، ما أتاح إعادة توزيع موارده النفطية بشكل غير متكافئ. وبموجب هذا التغيير، انخفضت حصة إيران إلى أقل من 12%، وهو ما يُترجم إلى خسائر هائلة تُقدّر بآلاف المليارات. ولتبسيط الصورة، الجدول التالي يوضح التغيرات النسبية في الحصص بعد توقيع الاتفاقية:

الدولة الحصة قبل الاتفاقية الحصة بعد الاتفاقية
إيران 50% 11.875%
روسيا 50% 19%
الدول الجديدة (كازاخستان، أذربيجان، تركمانستان) غير محددة 69.125%

هذا الانخفاض الحاد في الحصة الإيرانية أثار تساؤلات حول جدوى هذه الاتفاقية والضغوط التي ربما تعرضت لها إيران خلالها، خاصةً مع الأوضاع الاقتصادية المتعثرة.

أسباب العودة للتنقيب في بحر قزوين

وسط التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، عادت إيران إلى التركيز على بحر قزوين، حيث باتت الضرورة المالية تُحتّم استغلال كل مورد محتمل، حتى وإن كانت الحصة الحالية أقل مما تستحقه. من أبرز الدوافع وراء ذلك:

  • زيادة الحاجة إلى موارد مالية جديدة لتعويض خسائر العقوبات الاقتصادية المستمرة.
  • الشراكة المتنامية مع روسيا، والتي ترتبط بما يمكن تسميته “صفقات النفط مقابل السلاح”.
  • رغبة إيران في تأكيد حضورها الإقليمي والحفاظ على حقوقها في مواجهة الأطراف الأخرى في البحر.

ومن ناحية أخرى، يبدو أن التعاون بين إيران وروسيا قد تجاوز النفط بحد ذاته ليأخذ أبعادًا أكبر، تشمل التعاون العسكري مع تبادل التكنولوجيا والمعدات، بالإضافة إلى دعم مباشر لعدد من العمليات الاستراتيجية الروسية في المناطق الحساسة.

انعكاسات التعاون الإيراني الروسي

التوجه الجديد لإيران نحو بحر قزوين، بالتزامن مع تحالفها المتنامي مع روسيا، يعكس تغيرًا واضحًا في أولويات السياسة الخارجية الإيرانية. فمنذ مطلع عام 2024، أظهرت إيران استعدادها لتعزيز هذا التحالف الاستراتيجي من خلال توقيع اتفاقيات شاملة ليس فقط على مستوى الطاقة، بل أيضًا في المجالات الدفاعية والعسكرية. من بين أبرز أوجه هذا التعاون:

  • تقديم أنظمة دفاعية متطورة وصواريخ من إيران إلى روسيا.
  • الحصول على مساعدات تقنية نووية ومعدات عسكرية روسية.
  • تعزيز الدفاعات المشتركة وممارسة ضغوط أمنية على حلف الناتو.

يشير كل هذا إلى أن العلاقة الإيرانية الروسية تجاوزت مرحلة التعاون الاقتصادي، لتتحول إلى شراكة استراتيجية قد تُغير شكل التحالفات الإقليمية في المستقبل.

على الرغم من المكاسب المحتملة، تواجه إيران مخاطر كبيرة جراء هذه السياسات، خاصة مع تزايد التوترات مع دول الغرب. ومع ذلك، يبقى بحر قزوين منطقة ذات أهمية بالغة لإيران، سواء من حيث الثروات النفطية أو كجزء من استراتيجيتها لتعزيز موقفها الإقليمي والدولي.