كشف لغز التمثيل الضوئي عند النبات بعد عقود من الغموض.. ماذا اكتشف العلماء؟

تدفّق الإلكترونات في التمثيل الضوئي من جانب واحد فقط داخل مركب بروتيني متناظر هو أحد الألغاز التي أثارت اهتمام العلماء لعقود؛ إذ يعمل فريق من الباحثين في المعهد الهندي للعلوم (IISc) ومعهد كاليفورنيا للتقنية (Caltech) على كشف أسباب هذه الظاهرة الحيوية المعقدة. العملية تبدأ في نظام التمثيل الضوئي الثاني (Photosystem II – PSII)، وهو المركب المسؤول عن تحويل طاقة الشمس إلى طاقة كيميائية، حيث يحدث تدفّق الإلكترونات الحيوي من خلال فرع واحد فقط رغم التماثل البنيوي الكامل للمركب.

فهم تدفّق الإلكترونات في التمثيل الضوئي وتأثير التماثل البنيوي

يبدأ تدفّق الإلكترونات في التمثيل الضوئي في مركب بروتيني-صبغي يُعرف باسم نظام التمثيل الضوئي الثاني (PSII)، الذي يستغل طاقة الشمس لتفكيك جزيئات الماء، منتجًا الأكسجين ونقل الإلكترونات عبر سلسلة من البروتينات الحيوية. يتكون PSII من ذراعين متماثلين يُدعيان D1 وD2، لكل منهما جزيئات كلوروفيل مرتبطة بصبغات الفيئوفيتين التي تنقل الإلكترونات إلى ناقلات البلاستوكونين، ومع ذلك، يتدفّق التيار الإلكتروني بشكل حيوي حصريًا عبر فرع D1 بينما يظل فرع D2 غير نشط، ما يؤكد وجود اختلافات دقيقة تؤثر على تدفق الإلكترونات رغم التماثل الواضح.

تحليل تدفّق الإلكترونات في التمثيل الضوئي وأسباب الانحياز لفرع واحد

من خلال الدراسة الحديثة التي نشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (PNAS)، استخدم الفريق مزيجًا من محاكاة الديناميكا الجزيئية، الحسابات الكوانتية الدقيقة، ونظرية ماركوس لنقل الإلكترونات لفهم طبيعة تدفّق الإلكترونات في كلا الفرعين. كشفت التحليلات أن فرع D2 يواجه حاجز طاقي مرتفع للغاية خصوصًا في نقطة انتقال الإلكترونات من الفيئوفيتين إلى البلاستوكونين، حيث يتطلب الأمر طاقة تنشيط تفوق مثيلتها في فرع D1 بمقدار ضعف، ما يجعل انتقال الإلكترونات في D2 غير فعّال طاقيًا. وأظهرت المحاكاة أن مقاومة تدفّق الإلكترونات في D2 تبلغ نحو 100 ضعف تلك الموجودة في D1، ما يعزز تفسير تعطّل هذا الفرع.

المرحلة الطاقة المطلوبة في فرع D1 الطاقة المطلوبة في فرع D2
انتقال الإلكترونات من الفيئوفيتين إلى البلاستوكونين X 2X
مقاومة حركة الإلكترونات 1 وحدة 100 وحدة

آليات تدفّق الإلكترونات في التمثيل الضوئي وفرص تصميم أنظمة اصطناعية متقدمة

يلفت الباحثون إلى أن الاختلاف في الأداء بين فرعي PSII يعود إلى فروق دقيقة في البيئة البروتينية المحيطة بالصبغات، إذ يمتلك كلوروفيل فرع D1 حالة إثارة طاقية أقل مما يحسّن من قابليته لامتصاص ونقل الإلكترونات. أما فرع D2 فيواجه مقاومة طاقية تفوق قدرة الإلكترونات على تجاوزها؛ ما يؤدي إلى غياب النشاط في هذا الفرع. وقد أظهرت المحاكاة التي أُجريت على التيار والجهد الكهربائي لهذه الأذرع أن البيئة المحيطة تلعب دورًا محوريًا في تحديد اتجاه تدفق الإلكترونات.

  • استبدال مواقع الصبغات في فرع D2 بوضع الكلوروفيل مكان الفيئوفيتين قد يقلل حاجز الطاقة ويعيد النشاط للفرع.
  • فهم العوامل المؤثرة يساعد في تصميم أنظمة اصطناعية تحاكي الطبيعة لتحويل الطاقة الشمسية بشكل فعال.

يقول الأستاذ برابال ك. مايتي من قسم الفيزياء في IISc: “تشكل هذه الدراسة تقدمًا جوهريًا في فهم آلية التمثيل الضوئي الطبيعي، وقد تساهم في تطوير أنظمة صناعية فعالة لتحويل الطاقة الشمسية إلى وقود كيميائي، وهذا دعم واضح لتطوير حلول طاقية مستدامة ومبتكرة”. أما البروفيسور بيل غودارد من معهد كاليفورنيا للتقنية فقد أشار إلى أن هذه الدراسة تمثل نموذجًا متقدمًا لتكامل النظريات المتعددة لحل مسألة علمية معقدة، رغم أن بعض جوانب هذا اللغز ما تزال بحاجة إلى مزيد من البحث والتحليل.