الحبيب الجفري.. فكر إسلامي يجمع بين التصوف والتجديد ويتجاوز الحدود

الحبيب الجفري بين التصوف والتجديد.. فكر إسلامي عابر للحدود هو نموذج فريد يجمع بين الأصالة والتحديث في الفكر الإسلامي المعاصر، حيث يمثل جسراً حقيقياً بين التصوف الإسلامي العريق والتجديد الفكري اللازم لمواجهة تحديات العصر، مما يجعل أثره امتدادًا عالميًا يتجاوز الجغرافيا والثقافات.

التكوين العلمي والمنهجي في فكر الحبيب الجفري بين التصوف والتجديد

الحبيب علي زين العابدين بن عبد الرحمن الجفري وُلد في 16 أبريل 1971 في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية، وهو ينتمي لعائلة يمنية هاشمية من أهل حضرموت وتتصل بنسبها مباشرة بالسادة آل البيت، خاصة أسرة آل باعلوي التي اشتهرت بدورها الدعوي والتربوي والإصلاح الاجتماعي في جنوب اليمن لقرون طويلة؛ وهذه الخلفية العائلية شكلت أساسًا قويًا لمسيرته العلمية والمنهجية التي انطلقت من مراحل الطفولة الأولى. تلقّى الحبيب الجفري علومه الشرعية على يدي كبار المشايخ مثل الحبيب عبد القادر السقاف في جدة حيث درس عليه صحيح البخاري ومسلم وجامع الإحياء، واستمر في التلقي المباشر حتى سن الـ 21 عامًا، كما استفاد من علوم الحبيب أحمد مشهور الحداد في كتب كـ “إيضاح أسرار علوم المقربين”، بالإضافة إلى عدد من العلماء البارزين من بينهم الحبيب أبو بكر المشهور العدني، والحبيب محمد بن علوي المالكي الحسني، وغيرها من الشيوخ الذين تجاوز عددهم ثلاثمئة شخصية في علوم شتى تشمل الفقه وأصول الدين والتربية الروحية؛ هذا بالإضافة إلى دراسته الأكاديمية بكلية الدراسات الإسلامية في جامعة صنعاء ما بين 1991 و1993، ثم انتقاله إلى تريم بحضرموت لاستكمال التلمذة والعمل الدعوي العملي حتى عام 2003، ليُكوّن بذلك أساسًا متينًا يجسد فيه فكر الحبيب الجفري بين التصوف والتجديد.

أدوار الحبيب الجفري ومؤسسة طابة في تعزيز وسطية الفكر الإسلامي

في رحلة فكر الحبيب الجفري بين التصوف والتجديد، تأتي مؤسسة طابة التي أسسها عام 2005 في أبوظبي كمنبر بحثي ودعوي غير ربحي يُعنى بمعالجة القضايا المعاصرة بطريقة منهجية ومستندة إلى الدعوة الوسطية، ما يجعلها إحدى الركائز الفاعلة في نشر الفكر الإسلامي المعتدل وترسيخ قيم التسامح والاعتدال. يُشغل الحبيب الجفري أيضًا مناصب علمية مهمة، منها عضويته في مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي بالأردن، والأكاديمية الأوروبية للثقافة والعلم الإسلامي في بلجيكا، مما يعكس اتساع رقعة تأثيره وانفتاحه على بُعد عالمي في تعزيز الفهم المعتدل للدين. عبارة عن نموذج رائد يدافع عن الحوار البناء بين الأديان والثقافات، وخاصة من خلال مشاركته في “مبادرة كلمة سواء” عام 2006، والتي شارك فيها 38 عالمًا حريصين على نبذ الكراهية والتكفير، والتمسك بمبدأ احترام الآخر؛ كما شارك في كتابة رسالة مفتوحة إلى البابا بنديكتوس السادس عشر عقب أزمة الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، مكرسًا رؤيته التي تدعو إلى معالجة الأزمات الفكرية بالمنهجية العقلانية الدينية، وهو ما ساهم في تحسين صورة الإسلام في الغرب.

أسلوب الحبيب الجفري الديني وتأثير فكره الإسلامي العالمي

يتسم فكر الحبيب الجفري بين التصوف والتجديد باتزانه الواضح بين المذهب الشافعي فقهيًا والعقيدة الأشعرية، مع اعتماد قوي على التصوف الحضارمي المعتدل الذي يركز على التربية والسلوك القلبي، متجاوزًا الشكل الظاهري للطقوس ليُبين أن التصوف هو “جوهر الإسلام وروحه”، داعيًا إلى تصحيح المفاهيم المعتادة والعمل على تجنب التشدد والتطرف بجميع أشكاله، وذلك من خلال منهجٍ نشره عبر مختلف المنابر الإعلامية من برامج تلفزيونية ومقابلات، بالإضافة إلى مؤلفات عديدة ورسائل صوتية ودروس متاحة على منصاته الرسمية. وله حضور دولي بارز يظهر من خلال تصنيفه في قائمة The Muslim 500 كواحد من أكثر 500 شخصية مؤثرة في العالم الإسلامي، نظرًا إلى دوره الريادي في تعزيز خطاب الإسلام المعتدل ودعم الشباب والدعوة الأخلاقية. يرحّب به كثير من الشباب من المسلمين وغير المسلمين في مختلف دول العالم، على الرغم من كونه يتحدث بالعربية، وتُستخدم الترجمة الفورية لضمان وصول رسالته. يمكن تلخيص السمات الأساسية لفكر الحبيب الجفري في النقاط التالية:

  • الربط بين التراث الصوفي العريق والتجديد الفكري الحديث
  • التأكيد على الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني
  • رفض التطرف والتكفير بكافة أشكاله
  • التشجيع على التسامح والحوار بين الأديان والثقافات
  • التركيز على الإصلاح الروحي والأخلاقي كأساس للدعوة

ويُعد الحبيب علي الجفري نموذجًا معاصرًا يُجسّد الفهم الوسطي والفكري المتوازن، وسط عالم يشهد انقسامات وتوترات قد تؤدي إلى الانغلاق والراديكالية، حيث تُبرز اختياراته الفكرية ومؤسساته وُجهة مُلهمة في الساحة الإسلامية العالمية، معلنًا بصوته المعتدل عن قيم الإنسان والعقل، وداعيًا للإصلاح الروحي كمخرج ضروري لمواجهة أزمات العصر.