إلغاء الإيجار القديم.. مخاوف مستأجري مصر تزداد بعد القرار الجديد واستعدادات للإخلاء الشامل

قانون تعديل الإيجار القديم في مصر يفرض تغييرات جذرية برغم المخاوف الواسعة بين المستأجرين المتضررين منه؛ حيث يشكل هذا القانون الجديد نقطة تحول في العلاقة الإيجارية بين الملاك والمستأجرين بعد عقود من الاستقرار النسبي في أسعار الإيجار، مما يثير تساؤلات حول تأثيره على آلاف الأسر التي كانت تعتمد على إيجار منخفض.

تعديل قانون الإيجار القديم في مصر وتأثيره على الاستقرار الاقتصادي للمستأجرين

قانون تعديل الإيجار القديم في مصر، الذي أقره البرلمان في يوليو 2025، جاء ليغير بشكل جذري مفهوم الاستقرار الإيجاري الذي عرفه المستأجرون لعقود طويلة، خصوصًا أصحاب العقود القديمة الموقعة قبل يناير 1996. كان القانون السابق يوفر حماية كبيرة لهؤلاء المستأجرين حيث كانوا يدفعون إيجارات زهيدة مثل حالة خضرة إبراهيم التي تدفع أقل من 11 جنيها شهريًا، مما منحها استقرارًا ماديًا رغم ظروف التضخم وغلاء المعيشة. لكن التعديلات الجديدة ألغت الإيجار الشهري الثابت وقررت إخلاء الوحدات السكنية بعد فترة انتقالية مدتها 7 سنوات، مما خلق موجة من القلق والخوف بين الملايين الذين يعتمدون على هذه الحماية لضمان مسكنهم.

هذا التغيير ما هو إلا فصل جديد في دفع العلاقة بين المالك والمستأجر نحو الحرية السوقية، إذ يطبق القانون فترتين انتقاليتين لرفع الإيجارات تدريجيًا، تصل في بعض المناطق ذات المستوى المعيشي المتميز إلى 20 ضعف الإيجار القديم، بينما في المناطق المتوسطة والفقيرة تصل إلى 10 أضعاف، مع درجات متفاوتة بينهما. هذه الزيادة، والتي تترافق مع تثبيت حد أدنى للإيجار، تجعل الأمر صعبًا على من يمتلك دخلاً محدودًا أو معاشًا بسيطًا، وفقًا لتصريحات الباحثين والخبراء الاقتصاديين.

التزامات الحكومة والشبكات الأمنية لضمان حقوق مستأجري الإيجار القديم في قانون الإيجار القديم الجديد

في مقابل هذه الإجراءات، تعهدت الحكومة المصرية عبر مجلس الوزراء بسنّ لوائح لتخصيص وحدات سكنية إيجارًا أو تمليكًا للمستأجرين القدامى، بهدف التخفيف من الآثار السلبية للقانون الجديد. أكد وزير الشؤون النيابية والقانونية محمود فوزي التزام الدولة الكامل بضمان سكن مناسب للمستأجرين المستحقين قبل تطبيق القانون، مؤكدًا عدم ترك أي عائلة دون مسكن، رغم الانتقادات التي لاحقت تطبيق القانون والشكوك حول مدى شمولية وتفصيلية الدراسات الحكومية التي أُجريت لدعم هذا القرار.

انتقاد الباحثة مي قابيل إلى سرعة تطبيق القانون وعدم وجود بيانات واضحة حول عدد المستأجرين الذين يمتلكون أكثر من وحدة سكنية، يسلط الضوء على الحاجة لمزيد من التخطيط والدراسات لتقليل الضرر على الفئات الهشة. ومن المقرر أن تقوم لجنة حكومية بمراجعة وتعديل أسعار الإيجارات سنويًا، مع رفعها بنسبة 15% سنويًا بعد انتهاء الفترة الانتقالية، مما يفرض عبئًا ماليًا كبيرًا يجب التعامل معه بآليات حماية فعالة.

تحديات الإيجار القديم وتأثير تعديلاته على السوق العقاري والمعروض السكني في مصر

تواجه مصر تحديات كبيرة في قطاع الإسكان تواجهها نتيجة تعديل قانون الإيجار القديم وتأثيره على إخلاء آلاف الشقق السكنية، حيث يعاني المعروض السكني ضغطًا متزايدًا، بحسب بيانات وزارة المالية، رغم جهود برنامج الإسكان الاجتماعي الذي أقام نحو 69 ألف وحدة سنويًا خلال العقد الماضي. يُقدر أن أكثر من 530 ألف أسرة تعيش في شقق إيجار قديم وتعاني من حالات تأهب للمخاطر التي قد تنجم عن تطبيق القانون الجديد، كما أن قوائم الانتظار لوحدات الإسكان الاجتماعي طويلة جدًا.

يُضاف إلى ذلك، وفقًا لتصريحات مصمم المدن أحمد زعزع، أن الانتقال نحو تحرير السوق قد يؤدي إلى أزمات متعلقة بمسألة البُعد الجغرافي للسكن الجديد، إذ ينتهي الأمر بسكان جدد في أطراف المدينة، مما يزيد الأعباء المالية بسبب التنقل ويُضعف الوصول إلى الخدمات ومراكز الوظائف. كما قد يعيد هذا التدفق المفاجئ تحديد قيمة العقارات وأسعارها، خاصة في المناطق التاريخية والتجارية القديمة، حيث يُنتظر استبدال الباعة الصغار وورش العمل بمتاجر ومشروعات أكبر، مما قد يغير الملامح الحضرية ويهدد الطابع الشعبي والتراثي للأسواق القديمة.

الحد الأدنى للإيجار الشهري حسب المنطقة المبلغ بالجنيه المصري
المناطق المتميزة 1,000 جنيه
المناطق المتوسطة 400 جنيه
الأحياء الفقيرة 250 جنيه
  • زيادة الإيجارات بمقدار 20 ضعفًا في المناطق المتميزة خلال الفترة الانتقالية
  • زيادة تصل إلى 10 أضعاف في المناطق المتوسطة والاقتصادية
  • ارتفاع سنوي بنسبة 15% بعد انتهاء الفترة الانتقالية

أما بالنسبة للأفراد المتضررين، كمحمد حسن صاحب محل تجاري وشقة في منطقة الخصوص، فالقانون لا يمثل تهديدًا لمسكنه فقط بل لمصدر رزقه، إذ يُفكر الآن في فقدان مكان عمله خلال السنوات القادمة، في ظل ارتفاع الإيجارات وعدم وجود حلول فورية، وهو ما يعكس واقعًا مأساويًا يواجه كثيرين في مصر خلال هذه المرحلة.